إسبانيا تعمق تحالفها مع المغرب وتحمل الجزائر مسؤولية جمود ملف الصحراء: أبعاد دبلوماسية وجيوسياسية جديدة

آخر الأخبار

إسبانيا تعمق تحالفها مع المغرب وتحمل الجزائر مسؤولية جمود ملف الصحراء: أبعاد دبلوماسية وجيوسياسية جديدة

رصد المغرب / مدريد 

في خطوة دبلوماسية لافتة، جددت إسبانيا دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية بشأن الصحراء، معتبرة أنها تمثل “الحل الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لإنهاء نزاع طال أمده ، و جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الإسباني ، خوسيه مانويل ألباريس، الذي لم يكتفِ بتجديد موقف بلاده المؤيد للمغرب ، بل حمل الجزائر بشكل مباشر مسؤولية ما وصفه بـ”تعطيل” المسار السياسي نحو حل نهائي.

هذا التحول الإستراتيجي في الموقف الإسباني لم يعد مجرد دعم دبلوماسي تقليدي، بل يشكل جزءا من إعادة تموضع استراتيجي في السياسة الخارجية الإسبانية تجاه المغرب والمنطقة المغاربية عموما ، فمنذ تطبيع العلاقات بين الرباط ومدريد في مارس 2022 ، إثر الرسالة الشهيرة من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس ، تتوالى المؤشرات على تنسيق متزايد بين الجانبين ، يمتد من قضايا الهجرة إلى الأمن والطاقة.

كل ذلك جعل الجزائر في مرمى الانتقاد ، فألباريس وصف الموقف الجزائري اتجاه الصحراء بـ”اللامسؤول”، متهما النظام العسكري بعرقلة جهود الأمم المتحدة بسبب تمسكها بـ”مبادئ غير واقعية” على مدى خمسة عقود ، وهو تصريح نادر من مسؤول أوروبي بهذا الوضوح، ويعكس تصعيدا غير مسبوق في خطاب مدريد اتجاه الجزائر، التي لطالما اعتبرت الموقف الإسباني الجديد “انحيازا مرفوضا” لطرف على حساب آخر.

وكل هذه الأبعاد الدبلوماسية والإقتصادية من الناحية الجيوسياسية، تأتي  بالتوتر بين مدريد والجزائر في سياق حساس، لا سيما في ظل اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري كمصدر طاقة رئيسي ، ورغم محاولات الحفاظ على علاقات تجارية مستقرة، فإن هذا التصعيد قد يلقي بظلاله على عقود الطاقة والتعاون الاقتصادي بين البلدين.

و في المقابل، يعزز الموقف الإسباني الأخير مكانة المغرب إقليميا ودوليا ، ويدعم روايته السياسية أمام المنتظم الدولي، خصوصا داخل مجلس الأمن حيث يعد الموقف الأوروبي عنصرا حاسما في بلورة قرارات تتعلق بالنزاع.

ولنقل إن المنطقة تسير نحو معادلة إقليمية جديدة بسبب هذا التحول في العلاقات الإسبانية المغربية، والتباعد المتزايد بين مدريد والجزائر، مما يعكس تشكل معادلة جيوسياسية جديدة في غرب المتوسط ، هذه  المعادلة تقوم على تحالفات براغماتية تتجاوز الأيديولوجيات التقليدية، وتضع المصالح الاقتصادية والاستقرار الإقليمي في صلب المعادلات السياسية.

فهل يؤدي هذا الاصطفاف الجديد إلى تحريك المياه الراكدة في ملف الصحراء أم أنه سيفاقم من حدة الاستقطاب الإقليمي؟ الأكيد أن موقف إسبانيا الأخير يمثل فصلا جديدا في هذا النزاع المعقد، بمضامين تتجاوز التصريحات إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة.

إرسال التعليق