آخر الأخبار

إطلاق سراح بوعلام صنصال. بين الحسابات الإنسانية والتجاذبات السياسية

إطلاق سراح بوعلام صنصال. بين الحسابات الإنسانية والتجاذبات السياسية

رصدالمغرب / عبدااكبير بلفساحي


أثار قرار الإفراج عن الكاتب الجزائري بوعلام صنصال جدلا واسعا داخل الجزائر وخارجها، وتباينت القراءات بين من رأى في الخطوة تصرفا حكيما يراعي البعد الإنساني، وبين من اعتبرها خضوعا للضغوط الخارجية وتراجعا عن هيبة الدولة، حيث بين هذين الموقفين، برزت أسئلة كثيرة حول تفاصيل عملية الإفراج ومسارها.

أول ما أثار الانتباه هو نقل صنصال عبر طائرة عسكرية ألمانية بدل طائرة للصليب الأحمر، وهو ما فتح الباب أمام التأويلات حول طبيعة التدخل الألماني في القضية، لأن الرجل كاتب ومدني، ورغم ذلك وجد نفسه داخل طائرة عسكرية ثم داخل مستشفى عسكري في برلين، وهو ما بدا مشابها في نظر كثيرين، لعمليات سابقة تدخل فيها الجيش الألماني لتحرير رهائن أو نقلهم بعد تسويات مع جماعات مسلحة، كما حدث في قضية الأستاذ الألماني “روبرت نيتش إيبرهام” الذي نقل مباشرة إلى برلين بعد إطلاق سراحه.

هذه الملابسات دفعت بعض المتابعين إلى الاعتقاد بأن ما جرى مع صنصال لم يكن قرارا قضائيا ذا بعد إنساني فحسب، بل نتيجة مفاوضات بين أجهزة أمنية وعسكرية في الجزائر وفرنسا، بوساطة ألمانية، مع إخراج مدني لتبرير العملية للرأي العام، حيث يعزز هذا الطرح أن تسفير صنصال سبقته حملة واسعة تتحدث عن تدهور وضعه الصحي، ليأتي الإفراج في النهاية على أساس “دواع إنسانية”.

الإفراج ذاته جاء بعد إدانته بخمس سنوات حبسا نافذا بتهمة المساس بالوحدة الوطنية والاستقرار، لكن الضغوط الدبلوماسية الأوروبية، وخصوصا من القوى الكبرى، جعلت إطلاق سراحه يبدو لكثيرين وكأنه تجاوز لقرار القضاء الجزائري، في صورة رأى فيها البعض تقليلا من قيمة المؤسسة القضائية.

كما أن نقل صنصال للاستشفاء خارج البلاد اعتبر، لدى البعض، رسالة ضمنية عن فقدان الثقة في المنظومة الصحية الوطنية للجزائر، وهو ما يضاف إلى ما يراه منتقدو السلطة “ضربا لصورة الدولة” التي ترفع شعار السيادة و”النيف” منذ سنوات.

وفي الأخير سواء اعتبر ما جرى انتصارا للبعد الإنساني أو رضوخا لضغوط خارجية، فإن قضية بوعلام صنصال كشفت هشاشة التوازن بين القضاء والسياسة، وبين السيادة والشراكات الدولية، حيث تطرح أسئلة جدية حول كيفية إدارة الملفات الحساسة، خصوصا عندما تتقاطع سمعة الدولة مع حقوق الأفراد ومع ضغط العواصم الكبرى.

إرسال التعليق