
الإساءة للذات الإلهية هو تجاوز للخطوط الحمراء واستفزاز لأمة بأكملها
رصدالمغرب / إدريس السدراوي
ما وقع مؤخرًا من نشر محتوى وصور مسيئة للذات الإلهية ليس حرية تعبير، بل هو اعتداء صارخ على مشاعر الملايين من المغاربة، واستفزاز فجّ لأغلبية ساحقة من هذا الشعب الذي يعتبر الدين الإسلامي ركيزة هويته ومصدر وحدته. إن هذا الفعل لم يكن رأيًا فكريًا أو نقدًا موضوعيًا، بل إساءة متعمدة تمس أقدس المقدسات وتضرب في عمق القيم الجامعة التي تحمي السلم الاجتماعي.
حرية التعبير، كما كفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ليست حقًا مطلقًا بلا حدود، بل مقيدة باحترام النظام العام والآداب العامة وحقوق الآخرين. والمادة 20 من العهد واضحة في حظر أي دعوة للكراهية الدينية أو التحريض على العداوة أو العنف. فكيف يمكن اعتبار إهانة الذات الإلهية عملاً مشروعًا وهي تفتح الباب أمام الانقسام والفتنة وتغذي أجواء التوتر؟
في المغرب، المسألة محسومة قانونًا ودستوريًا؛ الدستور يضع الدين الإسلامي في صميم ثوابت الأمة، والفصول 267-5 و220 و222 من القانون الجنائي تجرم المساس بالمقدسات الدينية. هذه النصوص ليست ترفًا تشريعيًا، بل هي سياج يحمي وحدة الوطن واستقراره الروحي.
والسؤال الجوهري: ماذا جنت حرية التعبير من أفعال كهذه؟ وماذا استفاد الشعب المغربي منها؟
الجواب واضح: لا شيء سوى الضرر. هذه الأفعال تقوض النقاش الحقوقي الجاد، وتشوه صورة حرية التعبير أمام الرأي العام، وتمنح خصوم الحريات ذريعة للمطالبة بمزيد من القيود. والأسوأ أنها تحوّل الأنظار عن القضايا الكبرى للوطن، لتغرقنا في معارك جانبية لا تخدم الإصلاح ولا الكرامة الإنسانية.
إن حرية التعبير الحقيقية هي التي تفتح آفاق الفكر والنقد والبناء، لا التي تتعمد استفزاز أقدس ما لدى الناس. والمس بمقدسات الأغلبية ليس بطولة ولا إبداعًا، بل عمل طائش يهدد تماسك المجتمع ويزرع بذور الفتنة بين أبنائه.
وعليه، فإن التصدي لمثل هذه الأفعال واجب قانوني وأخلاقي، دفاعًا عن قيم الأمة، وحمايةً للسلم الاجتماعي، وتأكيدًا أن حرية التعبير في المغرب لن تتحول أبدًا إلى غطاء للإساءة إلى الذات الإلهية أو العبث بالمشاعر الدينية للأغلبية الساحقة من المواطنين.
إرسال التعليق