الحرب المتعددة الأطراف على تنظيم الدولة الإسلامية: من العراق إلى القرن الأفريقي

الحرب المتعددة الأطراف على تنظيم الدولة الإسلامية: من العراق إلى القرن الأفريقي
رصد المغرب/الحيداوي عبد الفتاح
تشكل جماعة “ولاية الصومال” التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش-الصومال) نموذجًا بارزًا لتطور الفصائل الجهادية في منطقة القرن الأفريقي. انبثقت هذه الجماعة عن حركة الشباب، لتصبح مع الوقت لاعبًا مستقلًا ذا تأثير، لا سيما في المناطق الشمالية من الصومال. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل المسار التطوري لهذا التنظيم من خلال محاور رئيسة تشمل النشأة والتأسيس، والتطور العسكري والبشري، والبنية المالية، والنشاط العملياتي، وأخيرًا جهود المكافحة الدولية ضده.
1. النشأة والتأسيس
شهدت الساحة الصومالية منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين تحولات عميقة في خريطة التنظيمات الجهادية. فقد برز عبد القادر مؤمن – القيادي المنشق عن حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة – كأحد أبرز الشخصيات التي أعادت تشكيل المشهد المسلح. ففي 22 أكتوبر 2015 أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية، مؤسسًا ما عرف لاحقًا بـ “ولاية الصومال“ أو ما أطلق عليه التنظيم “أبناء الخلافة” (Abnaa al-Khilafa).
هذا الإعلان لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل أسّس لمرحلة جديدة من التنافس الجهادي داخل الصومال. إذ انشق ما يقارب 100 مقاتل من أصل نحو 300 مقاتل محلي والتحقوا بمؤمن، بينما ظل الباقون أوفياء لحركة الشباب. هذا الانشقاق مثل بداية صراع داخلي دموي، حيث شنّت الحركة عمليات تصفية بحق عناصر التنظيم الوليد. ومع ذلك، واصل التنظيم الجديد تعزيز حضوره إلى أن حصل على اعتراف رسمي من قيادة تنظيم الدولة الإسلامية في أواخر عام 2017 كفرع معتمد في شرق أفريقيا.
2. التطور العسكري
بدأ التنظيم بحضور محدود للغاية، إذ لم يتجاوز عدد مقاتليه عند التأسيس 20 – 30 عنصرًا (2015). غير أن قدرته على استقطاب مقاتلين جدد مكنته من مضاعفة أعداده تدريجيًا:
بحلول 2016: ارتفع العدد إلى نحو 100 – 200 مقاتل.
بحلول 2019: تراوح بين 100 – 300 مقاتل، مع استمرار الضغوط من حركة الشباب.
بحلول 2024: تضاربت التقديرات بين تقارير أممية قدرت العدد بـ 700 – 1,500 مقاتل، وأخرى أكثر تحفظًا أشارت إلى نحو 500 عنصر يتركزون في إقليم باري (بونتلاند)، بينهم عناصر أجنبية.
هذا النمو يعكس قدرة التنظيم على التكيّف مع البيئة الصومالية شديدة السيولة، حيث استفاد من هشاشة الدولة، وضعف البنية الأمنية، وتنامي اقتصاديات الحرب. ومع ذلك، يبقى التنظيم عسكريًا أقل قوة من حركة الشباب، لكنه يتمتع بمرونة قتالية مكنته من البقاء في مناطق وعرة جبلية وفرض سيطرته على بعض المسالك الحيوية.
3. المصادر المالية
منذ البداية، اعتمد التنظيم على الجبايات والابتزاز من التجار وأصحاب الأعمال، خاصة في مدينة بوصاصو (الميناء الأهم في إقليم باري). لكن مع مرور الوقت توسعت مصادر دخله:
- 2018 قدرت إيراداته الشهرية بـ 70 ألف دولار.
- 2021قفز دخله إلى حوالي 5 مليون دولار سنويًا.
النصف الأول من 2022: حقق نحو 2 مليون دولار من الجبايات، وتجارة المواشي، والزراعة.
منذ 2022: دخل مرحلة جديدة عبر تجارة الذهب المحلي، محققًا إيرادات تراكمية بلغت 6 ملايين دولار.
إلى جانب ذلك، أشار تقرير أممي (فبراير 2023) إلى أن ما يعرف بـ مكتب القرار في أفريقيا (Karrar Office) أرسل نحو 25 ألف دولار شهريًا بالعملات الرقمية إلى فرع “ولاية خراسان” في أفغانستان، مما يوضح الدور المركزي لفرع الصومال في شبكة التمويل العابر للأقاليم.
وفي 2024، صنّفت وزارة الخزانة الأميركية (OFAC) “داعش-الصومال” على أنه المصدر الرئيسي للعوائد المالية لشبكة الدولة الإسلامية عالميًا، وهو ما يعكس انتقال التنظيم من مجرد فاعل محلي إلى عقدة مالية ضمن البنية الشبكية لداعش.
4. النشاط العملياتي والتأثير
رغم محدودية قدراته مقارنة بحركة الشباب، نجح التنظيم في تحقيق بعض الاختراقات العملياتية. ففي أكتوبر 2016 نفذ عملية نوعية بسيطرته على مدينة قندلة الساحلية (إقليم باري)، واحتفظ بها لعدة أشهر قبل أن تستعيدها قوات بونتلاند. مثل هذا الحدث نصرًا دعائيًا مهمًا، إذ أثبت أن التنظيم قادر على السيطرة الميدانية، ولو مؤقتًا.
منذ ذلك الحين، اعتمد التنظيم على تكتيكات منخفضة الكلفة مثل:
الاغتيالات الموجهة ضد مسؤولين حكوميين.
زرع العبوات الناسفة.
استهداف قوات الاتحاد الإفريقي.
تصفية خصوم اقتصاديين (تجار وأصحاب أعمال يرفضون الدفع).
ضربات انتقائية ضد عناصر حركة الشباب المنافسة.
وقد أعلن التنظيم عن نحو 67 هجومًا بحلول منتصف 2018، واستمر في شن عشرات العمليات المحدودة. إلا أن الأهمية الحقيقية لفرع الصومال تكمن في كونه جزءًا من شبكة التمويل والاستثمار الإقليمية لداعش، فضلًا عن كونه نقطة جذب لمقاتلين أجانب، وهو ما يمنحه بعدًا يتجاوز حدود الصومال ليؤثر على الأمن الإقليمي في القرن الأفريقي والمحيط الهندي.
5. حالات الاعتقال والضربات الأميركية
اعتمدت الولايات المتحدة على الضربات الجوية الخاصة والقوات الخاصة لاستهداف قادة التنظيم. ومن أبرز العمليات:
- يناير 2023: مقتل سُهيل سليم عبد الرحمن (بلال السوداني) – أحد أهم القيادات المالية لداعش – في عملية خاصة أميركية.
- يوليو 2023: فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عبد الولي محمد يوسف الملقب بـ”الإمارة المالية”، لدوره في تسهيل تدفقات الأموال والأسلحة.
- 31 مايو 2024: استهدفت ضربة أميركية موقعًا جنوب شرق بوصاصو وقتلت ثلاثة مقاتلين. ورغم تداول أنباء عن احتمال مقتل عبد القادر مؤمن، لم تؤكد المصادر الرسمية ذلك.
تُظهر هذه العمليات أن فرع داعش في الصومال أصبح في صلب الاهتمام الأميركي، ليس فقط بسبب تهديده المحلي، بل لدوره المركزي في شبكات التمويل العابرة للحدود التي تغذي فروع التنظيم في آسيا وأفريقيا.
تمكن تنظيم “داعش-الصومال” من التحول من انشقاق محدود إلى فرع إقليمي بالغ الأهمية للدولة الإسلامية. تعززت قوته من خلال قدرته على بناء هيكل مالي قوي ومتنوع، اعتمادًا على الاقتصاد المحلي والتجارة الإقليمية، بل وتفوّق في فترة ما على التنظيم الأم في الجانب المالي.
أسباب صعود تنظيم «ولاية الصومال» في بونتلاند
1) الجغرافيا الوعرة كحاضنة عملياتية
توفّر جبال عَلِمسكاد/جولِس (الممتدة ضمن سلاسل المِسكاد–المَدَو) تضاريسَ شاهقة، أوديةً عميقة، وشبكة كهوف وممرات محدودة المنافذ، ما يخلق «عمقًا جغرافيًا» يصعب على القوات المحلية والاتحادية اختراقه، ويتيح للتنظيم مرونةً عالية في التموضع والمراوغة وإعادة التجميع بعد الضربات. الطبيعة قليلة الكثافة السكانية تُخفّض تكلفة السيطرة والإنذار المبكر، فيما تسمح المرافئ الصغيرة على ساحل بَرّي بربط الجبال بخطوط إمداد بحرية/برية للتموين والتجنيد والجباية. وتؤكّد تقارير ميدانية وحديثة أنّ العمليات الأوسع ضدّ التنظيم منذ أواخر 2024 تمركزت تحديدًا حول هذه السلاسل، ما يعكس مركزية التضاريس في بقاء التنظيم وقدرته على الكرّ والفرّ
تفويت ميزة التفوق التقني: تعطل التضاريس الصعبة فعالية تقنيات المراقبة الحديثة (مثل الطائرات دون طيار والأقمار الصناعية) وتحد من حركة المركبات المدرعة والقوات النظامية، مما يجبر القوات الحكومية على خوض عمليات برية بطيئة ومكلفة ومحفوفة بالمخاطر. وهذا يعيد الصراع إلى مربع الحرب غير التقليدية حيث يملك التنظيم الأفضلية.
التحكم في طرق الاتصال والتموين: تسمح السيطرة على الممرات الجبلية الاستراتيجية للتنظيم بالتحكم في حركة التنقل وتهريب المقاتلين والسلع، وفرض “ضرائب” غير رسمية على القبائل المحلية، مما يوفر له مصدر تمويل ذاتي.
تحولت الجغرافيا من مجرد خلفية طبيعية إلى “فاعل جيوسياسيبحد ذاته. لقد استطاع التنظيم تحويل العائق الجغرافي إلى أداة تمكين استراتيجي، مما يعيق بشكل كبير فعالية نموذج الدولة المركزية في فرض سيطرتها، وهو ما يشبه إلى حد كبير الاستخدام التاريخي للجبال من قبل جماعات تمرد أخرى حول العالم.
2 البُعد العشائري والهويات المحلية المُهمَّشة
ينحدر عبد القادر مؤمن—القائد المؤسِّس—من عشيرة علي سَلِيْمان، وهي فرع من مجيرتين في منطقة قندلة–إسكُشُبَن. هذا الانتماء وفّر للتنظيم شبكةً أولية من الروابط القرابية والممرات الاجتماعية داخل مناطق نفوذ العشيرة، ما سهّل «الاحتماء الاجتماعي» والحصول على المأوى والغذاء والمجندين والمخبرين، أو على الأقلّ خلق بيئة امتناع عن التعاون مع السلطات. وتُظهر الأدبيات الميدانية حول بونتلاند أنّ تظلّماتٍ محليةً من «تهميشٍ» إداري–اقتصادي تُغذّي أحيانًا استعداد بعض الأفراد لتقديم دعم سلبي (التغاضي) أو إيجابي محدود (خدمات ولوجستية) للتنظيم، ولو براغماتيًا لا أيديولوجيًا.
يتغذّى التنظيم على «اقتصاد المظلومية المحلية»، حيث تتحوّل الشكوى من التمثيل أو الموارد إلى نافذة اختراق لفاعل مسلح يَعِدُ بالحماية وتوازن القوى. هذا لا يعني تصويتًا عشائريًا شاملًا للتنظيم؛ بل غالبًا ما يكون الدعم انتقائيًا، متقلّبًا، ومشروطًا بموازين الردع والريع. وتُفيد تقارير تحليلية أنّ التنظيم حوّل هذه الشبكات لاحقًا إلى آلة جباية منظّمة تموّل نشاطه داخل بونتلاند وخارجها (تحويلات وتمويل شبكات داعش عالميًا.
3الشقاقات بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية: فجوات الحكامة والامن
كشفت العمليات الأخيرة—وفق تصريحات رسمية وتقارير دولية—عن محدودية التنسيق بين قوات بونتلاند ومقديشو، بل وإعلانات عدم الاعتراف السياسي لفترات، ما خلق «فراغ تنسيق» في التخطيط والعمليات والاستخبارات، واستغلّه التنظيم للحركة بين خطوط المسؤوليات، واستخدام التعقيد المؤسسي كدرع ضد الضغط المتزامن. كما أسهم الضغط الوطني المُنصَبّ أساسًا على «الشباب» في ترك «ولاية الصومال» كمسرحٍ ثانوي، حتى تصاعدت الحاجة لحملة إقليمية منفصلة في الجبال.
- الحملة العسكرية (“حملة البرق”) التي تشنها بونتلاند:
تشكل الحملة العسكرية التي تشنها ولاية بونتلاند الفيدرالية الصومالية، والتي أُطلِق عليها اسم “حملة البرق” نقطة تحول محورية في استراتيجية مكافحة الإرهاب في الصومال. على عكس الحملات المركزية التي تقودها الحكومة الفيدرالية في مقديشو بالتعاون مع “بعثة الاتحاد الأفريقي للانتقال في الصومال” (ATMIS) ضد حركة الشباب، تُعد هذه الحملة جهداً إقليمياً مستقلاً وطموحاً تركّز على القضاء على تنظيم داعش في الصومال (ISIS-Somalia)، الذي اتخذ من جبال باري المرتفعة معقلاً رئيسياً له.
1. الخلفية والسياق: صعود داعش في بونتلاند
قبل تحليل الحملة، من الضروري فهم الخلفية التي أدت إليها:
الانشقاق والتأسيس: نشأ تنظيم داعش في الصومال في عام 2015 بعد انشقاق مجموعة من قادة حركة الشباب الموالين لتنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا.
التواجد الجغرافي: حصّن التنظيم وجوده في المناطق الوعرة والكهوف في سلسلة جبال باري بمحافظة باري (خاصة حول مدينة قندلة)، ومنطقة أروي في محافظة نوجال. هذه التضاريس الصعبة جعلت من الصعب القضاء عليهم.
التمييز الاستراتيجي: بينما ركزت حركة الشباب على الهجمات في جنوب ووسط الصومال ومقديشو، اتخذ داعش من بونتلاند مركزاً له، مهدداً الممرات البحرية الدولية واستفاد من شبكات التهريب والاتجار بالبشر لتمويل أنشطته وجذب مقاتلين أجانب.
التهديد المزدوج: وجدت بونتلاند نفسها تحت تهديد وجودي مزدوج: من حركة الشباب في الجنوب، وتنظيم داعش المتنامي في الشمال. أصبح داعش يشكل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار الولاية بشكل لم يعد ممكناً تجاهله.
بدأت ولاية بونتلاند وحدها حملة عسكرية واسعة النطاق ضد تنظيم الدولة الإسلامية في نوفمبر 2024، تحت اسم “حملة برق“
هذه المعركة تمثّل أول هجوم من هذا الحجم تقوده القوات المحلية منذ حملة قندالا في عام 2016 شهدت العملية ثلاثة مراحل:
- المرحلة الأولى: دفاع مستميت في 31 ديسمبر 2024، حين صدّت قوات بونتلاند هجومًا لحلفاء التنظيم تضمن سيارات مفخخة ، مما أسفر عن مقتل 12 من المهاجمين ودمار جسيم في المعسكر
- المرحلة الثانية: بدأت مطلع 2025، مع اشتراك القوات الأمريكية (أفريكوم) في ضربات جوية شنّها الرئيس الأمريكي وقتها، ما أدى إلى مقتل عدد من عناصر التنظيم في جبال كالش ميسكاد.
- المرحلة الثالثة: أعلن عنها الرئيس سعيد عبدالله ديني أواخر فبراير 2025، حيث توسّعت العمليات لتحرير عشرات المواقع، مع عرض عفو محدود لمن تعاون سابقًا مع التنظيم
واستمرت الحملة لعدة أشهر، مع توسيع العمليات إلى مختلف وديان الجبال واستهداف المواقع المتبقية حاليًا في أغسطس 2025 — مثل جبال “هبلاي” ووادي “بالادادي”
2. النتائج الميدانية والإحصائية
حقّقت قوات بونتلاند تقدّمًا ملموسًا: الاستيلاء على 250 كم² من المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم، وتحرير 50 قاعدة، جميعها في محيط جبال غوليس.
في إحدى مواجهات الأيام، قتل 85 من مقاتلي التنظيم وسقط 17 من جنود بونتلاند أيضًا
في هجوم مضاد مبكر، خلّفت المعركة في وادي Togjaceel نحو 100 قتيل بين الطرفين (28 من القوات المحلية وأكثر من 70 من التنظيم)
خلال مواجهة 4 فبراير في قرية Qurac، بلغ عدد قتلى التنظيم نحو 57 بينهم، مقابل 15 من قوات بونتلاند
كما ذكرت القوات أنها استهدفت مقاتلين من أكثر من 32 جنسية مختلفة – من المغرب، سوريا، السعودية، إثيوبيا، السودان، مالي، وغيرها – ونجحت في قتل حوالي 300 منهم، دون تسجيل قتلى صوماليين من التنظيم في المواجهات الأخيرة.
أيضًا، في هجمات فاشلة نفذّها التنظيم بسلسلة تفجيرات انتحارية على مواقع عسكرية، تم قتل نحو 70 من مقاتلي التنظيم بدعم من غارات الإمارات
إجمالًا، تم إعلان تحرير عشرات البلدات ومواقع عسكرية وإدارية ومنازل لقيادات التنظيم
3. العوامل الدافعة ومستوى التأييد المحلي
احتواء خطر التنظيم: ظهور التنظيم في المناطق الجبلية لبونتلاند شكّل تهديدًا واضحًا، إذ حاول إقامة قاعدة لتوسيع نفوذه، ما استدعى ردًا حازمًا من السلطات المحلية للحيلولة دون تكوّنه “نواة لداعش” في المنطقة
حماية الممرات البحرية الدولية: تقع بونتلاند على امتداد البحر الأحمر وخليج عدن؛ العملية هدفت إلى تأمين هذه الممرات الحيوية ضد اختراقات تنظيمية محتملة تهدّد حركة الملاحة الدولية.
تعزيز الجبهة الداخلية:
. يُعد هذا بعداً سياسياً بالغ الأهمية. يواجه الرئيس سعيد عبد الله دني ضغوطاً داخلية كبيرة بسبب:
التحديات الأمنية المستمرة.
تحويل الانتباه عن الخلافات الداخلية إلى قضية وطنية جامعة (مكافحة الإرهاب).
تعزيز شرعيته وشعبيته كزعيم قوي وحازم يحمي أرض وشعب بونتلاند.
توحيد العشائر والقوى السياسية خلف قيادته وحكومته، مما يعزز موقفه في المفاوضات المستقبلية مع مقديشو.
الإعلان عن عفو للمتعاطفين السابقين هدف إلى «توحيد الجبهة الداخلية»، وتقديم نموذج يشير إلى مرونة سياسية إلى جانب الحسم العسكري.
غياب فعلي للحكومة الفيدرالية:
الاعتماد الأكبر كان على قوات بونتلاند نفسها، دون تنسيق فعلي مع الحكومة المركزية في مقديشو، ما أتاح استقلالية تنفيذ استراتيجية الحملة
4. التحديات والمخاطر المستقبلية
نجاح الحملة ليس مضموناً وينطوي على مخاطر جسيمة:
- حرب عصابات وتكلفة بشرية:من السهل تحرير بلدة، ولكن من الصعب للغاية الاحتفاظ بها. قد يلجأ داعش إلى تكتيكات حرب العصابات الكلاسيكية: الهجمات الخاطفة، وزرع العبوات الناسفة، واستهداف القوات والقادة في المناطق المحررة، مما يؤدي إلى استنزاف القوات وإضعاف الدعم الشعبي مع استمرار الخسائر.
- الفراغ الأمني والادارة:ماذا بعد التحرير؟ إذا فشلت حكومة بونتلاند في إدارة المناطق المحررة بشكل فعال (توفير الخدمات، والأمن، والمصالحة مع العشائر المحلية)، فسيعود داعش أو تظهر جماعات متطرفة جديدة لملء هذا الفراغ.
- التماسك الداخلي:قد يضعف التماسك السياسي والعسكري إذا طالت الحملة أو إذا نشأت خلافات حول الغنائم أو الإدارة في المناطق المحررة.
- الانتقام:خطر هجمات انتقامية على المدن الكبرى في بونتلاند مثل بوصاصو وغاروي، أو حتى ضد مصالح صومالية ودولية في الخارج.
“حملة البرق” هي تعبير عن سياسة خارجية وأمنية مستقلة لبونتلاند، وتؤكد على دورها كفاعل أمني رئيسي في القرن الأفريقي. إنها استراتيجية ذات دوافع متعددة: عسكرية، واقتصادية، وسياسية داخلية.
التوقعات للمرحلة القادمة 2024-2025
استمرار العمليات: من المتوقع أن تستمر الحملة ولكن قد تتحول من مرحلة “التحرير السريع” إلى مرحلة “التثبيت والاستقرار” الأصعب والأكثر تكلفة.
زيادة الطلب على الدعم الدولي: ستضغط بونتلاند على الشركاء الدوليين للحصول على مزيد من الدعم المالي والفني لإعادة الإعمار وإدارة المناطق المحررة.
اختبار حقيقي للشرعية: سيعتمد النجاح السياسي للرئيس دني على قدرته ليس فقط على تحقيق انتصارات عسكرية، ولكن على تحويلها إلى أمن دائم وتنمية للمناطق المحررة.
تأثير على العلاقة مع مقديشو: قد يعزز نجاح الحملة موقف بونتلاند التفاوضي في الحوار حول الفيدرالية، حيث تثبت قدرتها على إدارة أمنها بشكل فعال. ، قد يزيد من التوترات إذا رأت الحكومة الفيدرالية في ذلك تحدياً لسلطتها.
باختصار، بينما حققت “حملة البرق” مكاسب تكتيكية كبيرة، فإن اختبارها الحقيقي يكمن في القدرة على تحويل هذه المكاسب العسكرية إلى انتصار استراتيجي دائم عبر الحكم الرشيد وإعادة الدمج الاقتصادي والاجتماعي.
- الدور الدولي (الولايات المتحدة الأمريكية
الدور الأمريكي في الصومال – الدوافع والتحديات والانعكاسات الإقليمية2025
مقدمة: السياق التاريخي والتطوري
لا يمكن فهم التدخل الأمريكي الحالي في الصومال بمعزل عن سياقه التاريخي. منذ انهيار الدولة المركزية في عام 1991، أصبح الصومال ساحةً للصراعات الداخلية والإقليمية والدولية. بدأ الاهتمام الأمريكي المباشر بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث رأت واشنطن في الفوضى الصومالية بيئة خصبة لتشكل التنظيمات الإرهابية. تصاعد هذا الاهتمام مع ظهور “حركة الشباب المجاهدين” كفرع لتنظيم القاعدة في شرق إفريقيا.
شكَّلت القيادة الأمريكية لأفريقيا (أفريكوم)، التي تأسست في 2007، الإطار المؤسسي الرئيسي لهذا التدخل. تطورت استراتيجية الولايات المتحدة من الغارات الجوية المستهدفة إلى دعم عمليات “الاتحاد الأفريقي” (أميصوم سابقًا) والجيش الصومالي الوطني، ثم العودة إلى الاعتماد الكثيف على القوة الجوية كأداة رئيسية.
1. طبيعة التدخل الحالي: الغارات الجوية المكثفة منذ فبراير 2025
يشير تصعيد الغارات الجوية منذ فبراير 2025 إلى تحول استراتيجي أمريكي، ويمكن تفسيره بعدة عوامل:
فشل العمليات البرية: قد يكون الفشل المتوالي للهجمات البرية التي شنها الجيش الصومالي، بدعم من شركاء دوليين، لاستعادة الأراضي من “حركة الشباب” قد دفع واشنطن إلى الاعتماد مرة أخرى على التفوق الجوي المطلق لضرب قادة التنظيم وبنيته التحتية.
الضغط السياسي: قد يكون هناك ضغط داخلي في واشنطن أو من الحلفاء الإقليميين (مثل كينيا) لـ “القيام بشيء حاسم” لوقف الهجمات المتكررة التي تشنها الحركة، خاصة تلك التي تستهدف المدنيين والمواقع الحكومية.
الحد من الخسائر: توفر الغارات الجوية أداة ذات تكلفة بشرية منخفضة (من الجانب الأمريكي) مقارنة بنشر القوات البرية، مما يجعلها الخيار الأكثر قبولًا سياسيًا لدى الرأي العام الأمريكي الذي يعاني من “إعياء التدخل” بعد حروب العراق وأفغانستان.
2. تحليل الدوافع الأمريكية
أ. منع ظهور نسخة جديدة من “الحوثيين” في الصومال:
هذا الدافع يعكس “صدمة الحوثيين” في الوعي الاستراتيجي الأمريكي. يشير التشبيه إلى خوف واشنطن من تحول “حركة الشباب” من:
جماعة متمردة إلى دولة داخل دولة، تمتلك قدرات عسكرية متطورة (طائرات مسيرة، صواريخ باليستية) وتسيطر على أراضٍ وسكان وتفرض ضرائب وتدير مؤسسات.
قوة إقليمية قادرة على تهديد الممرات المائية الحيوية (مثل باب المندب والبحر الأحمر)، تمامًا كما يهدد الحوثيون أمن الملاحة الدولية.
وكيل قوي لقوى معادية (إيران على وجه الخصوص)، مما يفتح جبهة جديدة لتصفية الحسابات الإقليمية على أبواب القرن الأفريقي. وجود دلائل على علاقات بين حركة الشباب وإيران (رغم اختلاف المذهب) يزيد من مخاوف واشنطن.
ب. حماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية في القرن الأفريقي:
يمثل القرن الأفريقي أهمية جيوسياسية بالغة للولايات المتحدة لعدة أسباب:
أمن الملاحة الدولية: يطل الصومال على واحدة من أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم (خليج عدن والمحيط الهندي)، والتي تمر عبر قناة السويس. أي تهديد لهذا الممر، سواء من قرصنة أو إرهاب، يضرب الاقتصاد العالمي والمصالح الأمريكية في الصميم.
الأمن القومي المباشر: لا تزال واشنطن تعتبر “حركة الشباب” تهديدًا إرهابيًا مباشرًا قادرًا على تنفيذ هجمات خارجية تستهدف مصالحها وحلفائها في المنطقة (كما في هجمات أوغندا 2010 وكنيا بشكل متكرر
الوجود العسكري: تمتلك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية رئيسية في جيبوتي (كامب ليمونير)، وهي أكبر قاعدة عسكرية دائمة لها في إفريقيا. استقرار الصومال المجاور أمر حيوي لأمن هذه القاعدة وعملياتها في المنطقة.
ج. مواجهة النفوذ الصيني والروسي المتنامي في المنطقة:
هذا هو البعد الجيوسياسي الأوسع للصراع، حيث تحول الصومال إلى ساحة للتنافس بين القوى العظمى.
النفوذ الصيني: تتبع الصين استراتيجية طويلة الأمد قائمة على “مبادرة الحزام والطريق”. بينما يركز حضورها في الصومال على الجانب الاقتصادي (الاستثمار في البنية التحتية، الموانئ) والدبلوماسي، ترى واشنطن في هذا النفوذ تهديدًا لهيمنتها الإقليمية. أي وجود عسكري صيني محتمل في المستقبل (كما في جيبوتي) يعقد المشهد الاستراتيجي الأمريكي.
النفوذ الروسي: تتبع روسيا استراتيجية أكثر دهاءً وتعقيدًا، تعتمد على “المرتزقة” (مجموعة فاغنر سابقًا، هياكل جديدة الآن). تقدم هذه المجموعات خدمات عسكرية وأمنية للحكومات الإفريقية مقابل امتيازات في الموارد الطبيعية (مثل حقوق التعدين). حضورها في دول مجاورة مثل السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا، واهتمامها المحتمل بالصومال، يمثل تحديًا مباشرًا للنموذج الأمني الأمريكي. تستغل روسيا عدم الرضا عن النهج الغربي لتعزيز نفوذها، مما قد يمنح “حركة الشباب” أو أطرافًا أخرى ورقة تفاوضية ضد الغرب.
3. التحديات وإشكاليات التدخل
الفعالية المحدودة: أظهرت تجارب الماضي (في أفغانستان والعراق) أن القوة الجوية وحدها لا يمكنها هزيمة تمرد يستند إلى قاعدة شعبية ويستفيد من الفوضى السياسية والضعف المؤسسي. قد تؤدي الغارات إلى إضعاف الحركة مؤقتًا، لكنها لا تقضي على جذورها.
الخسائر المدنية: أحدث التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية (مثل “أمنستي إنترناشونال”) توثق باستمرار وقوع خسائر مدنية في الغارات الأمريكية، مما يغذي السخط الشعبي ويوفر لـ”حركة الشباب” ذريعة قوية للتجنيد ولفت الانتباه بعيدًا عن عنفها.
تعقيد المشهد السياسي الصومالي: لا تزال الحكومة الصومالية المركزية ضعيفة وتواجه انقسامات سياسية داخلية. بدون حكومة ذات شرعية ومؤسسات أمنية فاعلة، سيبقى أي نصر عسكري هشًا وقصير الأجل.
التنافس الدولي: كما ذكر، فإن التنافس مع الصين وروسيا يقسم الولاءات الإقليمية وقد يعرقل صياغة استجابة دولية موحدة للأزمة.
الخلاصة والتوقعات المستقبلية
الاستراتيجية الأمريكية الحالية في الصومال، التي تركز على الغارات الجوية المكثفة، هي استراتيجية احتواء أكثر منها استراتيجية حسم. تهدف إلى:
إبقاء “حركة الشباب” تحت الضغط المستمر لمنعها من التحول إلى تهديد منظم على غرار الحوثيين.
حماية المصالح الأمريكية المباشرة وأمن الحلفاء الإقليميين.
الحفاظ على موطئ قدم أمريكي في ساحة تنافس جيوسياسية محتدمة.
لكن هذه الاستراتيجية غير كافية لتحقيق استقرار دائم في الصومال. المستقبل سيتوقف على قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على موازنة الأدوات العسكرية بمسار سياسي شامل يعالج الأسباب الجذرية للصراع، مثل الضعف المؤسسي والانقسامات والفساد والتنمية الاقتصادية المفقودة. بدون هذا النهج الشامل، فإن الدورة المألوفة من العنف والغارات والهجمات الانتقامية ستستمر، مما يجعل الصومال ساحة مفتوحة للصراع الداخلي والتنافس الدولي لأجل غير مسمى.
. الرابحون والخاسرون من الحرب:
- الرابحون:
- بونتلاند:تحقيق مكاسب سياسية وأمنية، وتعزيز شعبية رئيسها.
- الحكومة الفيدرالية:إضعاف خصم إرهابي دون تحمل التكاليف.
- حركة الشباب:إضعاف منافسها الرئيسي (داعش) في المنطقة.
- الخاسرون:
- تنظيم الدولة:فقدان معاقله وقواعده وخسارة عناصره.
القوى الإقليمية: التي كانت تدعم التنظيم بشكل غير مباشر.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة:
يشكل تنظيم “داعش-الصومال” في إقليم بونتلاند تحدياً أمنياً وسياسياً بالغ التعقيد، نظراً لتمركزه في بيئة جبلية وعشائرية هشّة، ولارتباطه بشبكات عابرة للحدود تُمكّنه من الصمود رغم الضربات المتكررة. في هذا السياق، تبرز ثلاثة سيناريوهات رئيسية حول مستقبل التنظيم: استمرار العمليات العسكرية على المدى الطويل، إضعاف التنظيم دون القضاء عليه، أو القضاء الكامل عليه. يهدف هذا الفصل إلى تحليل هذه السيناريوهات بعمق، انطلاقاً من مقاربة أكاديمية تستند إلى تفاعل العوامل العسكرية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية.
السيناريو الأول: استمرار العمليات العسكرية الأرجح – مسار مطوَّل
يُعد هذا السيناريو الأكثر واقعية في المدى المنظور، إذ تواصل قوات بونتلاند عملياتها البرية، مدعومة بضربات جوية أميركية واستخبارات إقليمية ودولية، دون التوصل إلى حسم نهائي.
- آليات تحقق السيناريو:
اعتماد تكتيكات الاستنزاف عبر ضربات متكررة تستهدف معاقل التنظيم.
تعزيز قدرات الاستخبارات المحلية، واستخدام الضربات الجوية الدقيقة.
استمرار الدعم الخارجي، خاصة من القيادة الأميركية في أفريقيا (AFRICOM).
- العوامل المساعدة:
الإرادة السياسية لدى بونتلاند لاحتواء الخطر.
التزامات أمنية أميركية في القرن الأفريقي.
هشاشة قدرات التنظيم التمويلية في ظل الضغوط على شبكات التهريب.
- العوائق:
الإرهاق العسكري والمالي للقوات المحلية.
الطبيعة الجغرافية الوعرة التي تمنح التنظيم ملاذاً آمناً.
غياب استراتيجية تنموية تعالج جذور المشكلة.
- الآثار:
إضعاف مؤقت لقدرة التنظيم على السيطرة الترابية.
استمرار تهديده الأمني عبر تكتيكات حرب العصابات والعمليات الانتحارية.
يمثل هذا السيناريو حالة “نزيف بطيء” للتنظيم، لكنه لا يحسم الصراع جذرياً.
السيناريو الثاني: إضعاف التنظيم دون القضاء عليه مسار التسييس أو التراجع المرحلي
في هذا السيناريو، قد تؤدي التحولات السياسية أو تراجع الدعم الدولي إلى إضعاف التنظيم دون اجتثاثه الكامل. فيتحول إلى جماعة مشتتة، تعمل بخلايا صغيرة أو في إطار حرب عصابات.
- آليات تحقق السيناريو:
تراجع العمليات العسكرية إلى حملات موسمية أو محدودة.
إدماج بعض عناصر الصراع في مسارات سياسية أو عشائرية.
تضييق مالي جزئي دون إغلاق كامل لشبكات الدعم.
- العوامل المساعدة:
الإنهاك المالي والبشري لبونتلاند وحلفائها.
رغبة القوى الدولية في تقليص انخراطها العسكري.
استمرار الخلافات العشائرية التي تمنح التنظيم مجالاً للتغلغل.
- المخاطر:
بقاء التنظيم كتهديد كامن، قادر على إعادة التشكل عند تغير الظروف.
استمرار الاعتماد على العنف العشوائي، بما يُبقي حالة عدم الاستقرار.
إمكان تحول مناطق “محررة” إلى فراغ أمني يعزز نشاط التنظيم لاحقاً.
هذا السيناريو يُنتج حالة “لا نصر ولا هزيمة”، حيث تتراجع قوة التنظيم دون اختفائه، مما يفرض كلفة أمنية مستمرة على الإقليم والمجتمع الدولي.
السيناريو الثالث: القضاء الكامل على التنظيم طموح صعب التحقق
يمثل هذا السيناريو الحل الجذري، لكنه الأقل احتمالاً على المدى القريب. ويتطلب تفكيكاً شاملاً للبنية العسكرية والمالية والأيديولوجية للتنظيم، وهو ما لا يتوفر حالياً.
- شروط تحقق السيناريو:
- تنسيق شامل بين الحكومة الفيدرالية وبونتلاند وبقية الفاعلين المحليين.
- التزام دولي طويل الأمد، ليس فقط عسكرياً بل عبر دعم مؤسسي وتنموي.
- تفكيك شبكات التمويل والتهريب عبر تعاون إقليمي مع اليمن وخليج عدن.
- برامج لإعادة إدماج المقاتلين ومعالجة المظالم العشائرية.
- العوائق:
الطبيعة الوعرة للمنطقة التي تعيق الحسم العسكري.
قدرة التنظيم على إعادة التكيّف والاندماج في البنية الاجتماعية.
غياب الموارد الكافية لدى الدولة الصومالية لبناء بدائل اقتصادية وسياسية مستدامة.
- الآثار:
القضاء العسكري الكامل يفتح المجال أمام بناء استقرار سياسي وتنموي.
لكنه يظل مشروطاً بإصلاحات مؤسسية ومعالجة الجذور البنيوية للتطرف.
يمثل هذا السيناريو هدفاً استراتيجياً بعيد المدى، لكنه يتطلب إرادة سياسية إقليمية ودولية متماسكة تفوق القدرات المتاحة حالياً.
استنتاجات
تُظهر السيناريوهات الثلاثة أن المسار الأكثر ترجيحاً هو استمرار العمليات العسكرية لفترة طويلة، مع احتمالية إضعاف التنظيم دون القضاء عليه كلياً. أما سيناريو القضاء الكامل فيظل خياراً نظرياً يحتاج إلى موارد وإصلاحات عميقة غير متوفرة في المدى القريب.
من منظور أكاديمي، يمكن القول إن المواجهة العسكرية وحدها غير كافية؛ إذ أن الحسم الحقيقي يتطلب مقاربة شمولية تجمع بين الأمن والتنمية والحوكمة الرشيدة. فبدون معالجة الأسباب الجذرية – مثل الهشاشة المؤسسية، والانقسامات العشائرية، والفقر – سيبقى التنظيم قادراً على إعادة إنتاج نفسه، حتى بعد أكبر الحملات العسكرية.
الخلاصة:
الحرب على تنظيم الدولة في بونتلاند هي صراع معقد تتقاطع فيه المصالح المحلية والإقليمية والدولية. على الرغم من النجاحات الميدانية الكبيرة، فإن الطبيعة الجغرافية والعشائرية للمنطقة، العوامل الجيوسياسية، تجعل عملية القضاء الكامل على التنظيم تحديًا كبيرًا. مصير داعش في الصومال مرهون باستمرار الضغط العسكري وعدم تحول الصراع إلى ورقة سياسية بين بونتلاند ومقديشو.
إرسال التعليق