
السودان ينزف في صمت….!!!!
رصد المغرب / الخرطوم
في بلد تمزقه الحرب منذ أكثر من عام، تواصل المأساة الإنسانية في السودان اتساعها دون توقف، حيث عشرات الآلاف من الأرواح أُزهقت، وعشرات الآلاف من الضحايا وملايين النازحين، وملايين من المدنيين شردوا من منازلهم، بينما تقف المنصات الاجتماعية بلا صدى على مواقع التواصل، والتي لطالما كانت مرآةً للوجع الإنساني في أماكن أخرى من العالم، في صمت شبه تام اتجاه واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تفاقمت الأوضاع الأمنية والإنسانية بشكل متسارع، وحيث في مشهد كارثي بلا كاميرا تشير تقارير الأمم المتحدة إلى مقتل ما يزيد عن 150 ألف شخص، فيما تجاوز عدد النازحين داخليا وخارجيا 10 ملايين، ورغم هذه الأرقام الصادمة، يغيب السودان عن واجهة الاهتمام العالمي، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي التي باتت المؤشر الأول على أولويات الرأي العام.
وفي المقابل، شهدت أزمات مشابهة – في غزة، أوكرانيا، وسوريا – موجات تضامن رقمي عارمة، ترافقت مع حملات إعلامية ضخمة ومناشدات إنسانية دولية، ما يثير تساؤلات مؤلمة، فلماذا يترك السودان خارج دائرة الضوء؟
يرى خبراء إعلاميون أن أحد أبرز أسباب غياب السودان عن المنصات الرقمية هو تراجع التغطية الإعلامية الدولية للأزمة، مما يؤدي إلى تهميشها رقميا، كما أن انقطاع الإنترنت المتكرر داخل السودان، وتهجير مئات الصحفيين، وصعوبة توثيق الأحداث ميدانيا، كلها عوامل تضعف من حضور القصة السودانية في الفضاء الرقمي.
ومن جانب آخر، يلعب البعد الجغرافي والسياسي دورا في تحديد أولويات التغطية، إذ تميل وسائل الإعلام العالمية إلى تسليط الضوء على مناطق تتقاطع مصالحها مع القوى الكبرى أو تكون محط اهتمام جماهيري غربي، لأن السودان للأسف لا يحظى بذلك الامتياز .
في عصرٍ تتحكم فيه خوارزميات “الترند” في الرؤية والتضامن، يصبح الصمت الإلكتروني مشاركة غير مقصودة في التواطؤ، لأن تجاهل مآسي السودان لا يعني فقط التقاعس عن دعم المنكوبين، بل يسهم أيضا في استمرار العنف، ويمنح الإفلات من العقاب شرعية غير مستحقة.
وفي نداء للضمير الرقمي، فالسودان لا يحتاج فقط إلى مساعدات إنسانية، بل إلى صوت عالمي يعبر عن معاناة شعبه، ويذكر قادة العالم بمسؤولياتهم، ويجبر المنصات على إعادة النظر في أولوياتها الأخلاقية، في وقت يقاس فيه الاهتمام بالألم بعدد “الإعجابات” و”المشاركات”، ليبقى السؤال المفتوح هو متى يصبح النزيف السوداني ترندا؟
إرسال التعليق