
المغرب يراجع اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا بسبب تفاقم العجز التجاري
رصد المغرب / الرباط
شرع المغرب في مراجعة بنود اتفاقية التجارة الحرة المبرمة مع تركيا، في خطوة تأتي على خلفية تزايد العجز التجاري بين البلدين لصالح الجانب التركي، وسط دعوات من الفاعلين الاقتصاديين المغاربة إلى إعادة التوازن لهذه الشراكة الاقتصادية.
وبحسب مصادر رسمية، فإن الحكومة المغربية أطلقت مشاورات تقنية مع الجانب التركي تهدف إلى إعادة النظر في بعض البنود التي اعتبرت غير منصفة للمنتج الوطني، خاصة في قطاعات النسيج والألبسة والمنتجات الاستهلاكية التي أغرقت السوق المحلية وأثرت سلبا على الصناعات الوطنية الصغيرة والمتوسطة.
ووسط عجز تجاري متزايد، تشير المعطيات الصادرة عن مكتب الصرف المغربي إلى أن العجز التجاري مع تركيا بلغ مستويات مقلقة خلال السنوات الأخيرة، إذ تجاوز 2.5 مليار دولار، مدفوعا بتزايد واردات المغرب من المنتجات التركية مقابل صادرات محدودة من الجانب المغربي.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2006، ساهمت في تعزيز تدفق السلع التركية نحو السوق المغربية، في حين لم تستطع المنتجات المغربية تحقيق حضور مماثل في السوق التركية، ما خلق اختلالا هيكليا يستدعي المعالجة.
ولذلك فالرباط تسعى لحماية الإنتاج الوطني، حيث في هذا السياق، أكد مصدر من وزارة التجارة والصناعة أن الحكومة المغربية لا تعارض مبدأ الانفتاح التجاري، لكنها متمسكة بضرورة أن تكون الاتفاقيات الدولية أداة لتحقيق تنمية متوازنة، وليس عبئا على الاقتصاد الوطني.
وأضاف المصدر أن المراجعة الجارية تهدف إلى إدخال تعديلات تتيح حماية الصناعات المحلية من المنافسة غير المتكافئة، من خلال آليات تقييدية مرنة أو فرض رسوم جمركية انتقائية على بعض المنتجات.
وومن جهتها، أبدت السلطات التركية تفهما للموقف المغربي، وأكدت استعدادها لمواصلة الحوار في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، بما يحفظ مصالح الطرفين ويعزز التبادل التجاري المتكافئ.
ويتوقع أن تفضي المشاورات الجارية إلى تعديل جزئي للاتفاقية خلال الأشهر المقبلة، مع احتمال إعادة التفاوض على قائمة المنتجات المعفاة من الرسوم، أو إدخال بند خاص بـ”حماية الصناعات الناشئة” كما هو معمول به في اتفاقيات مشابهة.
وفي إطار خلاصات أولية، تجدر الإشارة إلى أن المغرب سبق أن أجرى تعديلات مماثلة على اتفاقيات تجارية مع شركاء آخرين، في إطار سعيه لتحقيق سيادة صناعية وتجارية، وتحصين نسيجه الاقتصادي من الضغوط الخارجية.
وتبقى مراجعة اتفاقية التجارة مع تركيا خطوة ضمن مقاربة أشمل لإعادة تقييم السياسات التجارية للمملكة، انسجاما مع توجيهات النموذج التنموي الجديد الذي يضع دعم الإنتاج الوطني وتحقيق التوازن في المبادلات التجارية ضمن أولوياته.
إرسال التعليق