الوطن، السلطان، والنخبة الوطنية الصادقة: دعوة لبناء الديمقراطية المغربية

الوطن، السلطان، والنخبة الوطنية الصادقة: دعوة لبناء الديمقراطية المغربية
رصد المغرب/رضا بن عثمان
المغرب وطن لا يشبه أي وطن، تاريخ عميق وحضارة متصلة بالجذور، وأمة تعلمت منذ قرون أن تحمي استقلالها وكرامتها.
من إدريس الأول إلى المنصور الذهبي، مروراً بمحمد السادس، كان السلطان رمز الوحدة والاستقرار، لكنه أيضاً جزء من النظام الذي لم ينجح دائما في المرور نحو الديمقراطية أو تحقيق مطالب شعبه.
جيل اليوم، “جيل زد”، لم يعد يقبل بالأوهام. خرجوا إلى الشوارع، هتفوا من أجل الكرامة، لم يخشوا السجون، ولم يخفوا غضبهم من كل من يعيق تطور المغرب الديمقراطي. وفي الوقت نفسه، رفعوا علم المغرب في الملاعب، وأهدوا البلاد كأس العالم للشباب دون عشرين عاماً، موفّرين للحظة وطنية تذكّرنا أن المغرب قادر على النشوة الجماعية، على الإنجاز، وعلى البركة التي تحمي هذا الوطن رغم كل الصعاب.
لكن بين هذا الحلم والواقع، توجد قوى داخل الدولة نفسها، تحولت إلى عائق. أجهزة أمنية وسياسية وقضائية تحمي مصالح ضيقة، تخنق الحريات، تقمع الاحتجاجات، تحكم على الشباب بعقود من السجن، وتبث الخوف والكراهية عبر الإعلام المأجور. هذه القوى ليست الوطن، بل هي من سرقت النشوة الوطنية وحولّت الديمقراطية إلى حلم مؤجل منذ ربع قرن على الأقل.
السلطان مع النخبة الوطنية الصادقة حاولوا الإصلاح، وأقروا خطوات لإشراك الشباب في الحياة السياسية، لكنهم لم يتحركوا بما يكفي لوقف أولئك الذين خانوا روح الدولة والديمقراطية. التوازن بين البركة، التاريخ، ومصالح القوى المفسدة لم يكن لصالح الحلم الديمقراطي، والمغرب دفع ثمناً باهظاً: جراح في المجتمع، شباب معتقلون، وإحباط واسع.
مع ذلك، يبقى السلطان والنخبة الوطنية الصادقة جزءاً من الحل: هم وحدهم قادرون على إعادة الدولة إلى نصابها، على تصحيح الانحرافات، ومساءلة القوى الضالّة داخل مؤسسات الدولة، مع الحفاظ على المشروع الوطني المشترك. هذا يتطلب شجاعة وإرادة: حماية الشباب، إصلاح القضاء، تحرير الإعلام، واستعادة الديمقراطية كحق طبيعي للمواطنين.
المعارضة الوطنية، ملتزمة بالولاء للعرش، ولا تخشى قول الحقيقة: يحتاج الوطن اليوم إلى شراكة صادقة بين الملك، الشعب، والشباب، لإعادة بناء الثقة، وإحياء مشروع وطني متكامل يجمع بين الحرية، العدالة، والاستقرار. بمعنى ملكية ديمقراطية، لا تكون مجرد رمز، ووطن يحقق تطلعات كل أبنائه دون خوف أو ظلم.
البركة التي تحمي المغرب منذ قرون، والروح الوطنية، والفخر الجماعي، كل ذلك يمكن أن يتحول إلى قوة دافعة لإصلاح شامل.
السلطان، الشعب، والشباب، معاً قادرون على تجاوز هذه المرحلة، على المرور نحو الديمقراطية، وعلى ضمان ألا تُسرق النشوة الوطنية مرة أخرى.
إن الوفاء للعرش لا يعني الصمت عن الأخطاء، والولاء للمغرب لا يعني تجاهل الظلم. بل يعني الجرأة على القول، البناء بدل الهدم، الإصلاح بدل الجمود، والحلم بدل الإحباط. هذا هو الطريق لإحياء المغرب الذي نريد، المغرب الذي يليق بتاريخه وبركته، المغرب الذي يجمع بين السلطان والشعب في مشروع ديمقراطي حقيقي.
إرسال التعليق