تصاعد أسعار النفط بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران يعيد شبح الأزمات النفطية العالمية

آخر الأخبار

تصاعد أسعار النفط بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران يعيد شبح الأزمات النفطية العالمية

رصد المغرب / عبد الله السعدي

شهدت أسعار النفط العالمية قفزة حادة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، إذ ارتفع سعر خام برنت بنحو 6% ليصل إلى 73.5 دولارا للبرميل، وسط مخاوف من اندلاع أزمة طاقة عالمية جديدة تعيد إلى الأذهان أزمات تاريخية هزت الأسواق، مثل حظر النفط عام 1973، والثورة الإيرانية في 1979، والحرب العراقية الإيرانية في 1980، وأزمة 2008 المالية.

وجاء هذا الارتفاع في ظل تصاعد التوترات في منطقة الخليج، حيث سجل خام برنت زيادة تدريجية خلال الأسبوع الماضي، بلغت 1.5% يوم الخميس فقط، ليصل إلى 68.7 دولارًا للبرميل، ما يعني ارتفاعا إجماليا بنسبة 6% خلال أسبوع واحد.

ورغم أن الأسعار الحالية تعد مثالية نسبيا للاقتصاد الإيراني، إذ يمثل النفط نحو 16.2% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تبنى الموازنة الإيرانية على سعر مرجعي قدره 65.2 دولارا للبرميل، إلا أن الوضع الجيوسياسي المتأزم يثير قلقا بالغا لدى طهران، لا سيما في ظل هشاشة صادراتها النفطية نتيجة العقوبات الأمريكية.

وكانت العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد وجهت ضربة قوية لصادرات النفط الإيرانية، التي تتركز بشكل أساسي على السوق الصينية، حيث تشير بيانات شركة “فورتكسا” إلى أن صادرات إيران من النفط إلى الصين، التي تمثل نحو 90% من إجمالي صادراتها، تراجعت إلى 1.1 مليون برميل يوميًا في مايو، مقارنة بـ1.75 مليون برميل يوميا في العام السابق، ما يعكس انخفاضا بنسبة 20%.

ورغم أن إيران ما زالت تضخ أكثر من مليون برميل يوميا في سوق عالمي يستهلك أكثر من 103 ملايين برميل يوميا، إلا أن نشوب مواجهة عسكرية شاملة أو استهداف منشآت تصدير النفط الإيرانية قد يؤدي إلى تعطيل ما يعادل 1% من الإمدادات العالمية، وهو ما سيكون له أثر فوري على الأسعار والأسواق.

غير أن التهديد الأكبر يكمن في احتمال إغلاق مضيق هرمز، الممر البحري الأهم للطاقة العالمية، والذي تمر عبره قرابة 30% من تجارة النفط في العالم، إلى جانب 35% من صادرات الغاز الطبيعي المسال، خاصة من قطر، الدولة الأكبر في هذا القطاع عالميا.

ويحذر خبراء الطاقة من أن أي خطوة إيرانية لفرض حصار على المضيق أو تعطيله، سواء جزئيا أو كليا، ستفضي إلى أزمة طاقة غير مسبوقة، حيث الأسعار لن ترتفع فقط، بل قد تخرج عن السيطرة، مع اتساع دائرة التأثير لتشمل أسعار الغاز والكهرباء حول العالم.

وهذا السيناريو الكارثي يقلق عواصم القرار الغربية، حيث بات واضحا أن التصعيد الأخير يتجاوز حدود نزاع إقليمي محدود، ليهدد استقرار الاقتصاد العالمي بأسره، بل وفي ظل هذه التطورات، تدرك واشنطن أن الرد الإيراني لا يحتاج بالضرورة إلى استهداف مباشر للقواعد الأمريكية، إذ يكفي إغلاق مضيق هرمز لشل حركة التجارة العالمية وخنق الاقتصاد الدولي خلال ساعات معدودة.

ومع بقاء التوتر في تصاعد مستمر، تثار تساؤلات حقيقية حول مدى استعداد العالم للتعامل مع أزمة طاقة جديدة، في وقت لا تزال فيه الأسواق تعاني من تداعيات أزمات سابقة وتحديات التحول إلى مصادر الطاقة البديلة.

إرسال التعليق