
حين تصبح الفبركة سلاحا بائسا لتصدير الأزمات فإنها فضيحة لدعاية جزائرية
رصد المغرب / عبدالله السعدي
مرة أخرى، يخرج علينا النظام العسكري الجزائري بوثيقة مفبركة لا تخلو من البهتان والمغالطات، مدعيا فيها وفاة ضباط مغاربة على الأراضي الإسرائيلية، في مسرحية لا تختلف عن سيناريوهات الأفلام الكوميدية الرديئة، حيث هذه الرواية الغريبة ما هي إلا محاولة يائسة من جنرالات الجزائر لإقناع أنفسهم أو العالم بأنهم ما زالوا يتقمصون دور البطولة في نزاعات وهمية وشعارات جوفاء، أبرزها تلك العبارة المثيرة للتهكم: “نحن قوة ضاربة”.
وفي المغرب اعتدنا أن نتعامل مع هذه المهاترات بسخرية، كما نقول شعبيا: “هاذ الجيران تيفوجو علينا”، و لكن خلف هذا المشهد الكاريكاتوري، تتجلى سياسة ممنهجة يستخدم فيها النظام الجزائري أسلوب الفبركة والدعاية المضللة كأداة لتنويم الرأي العام الداخلي، وتحويل الأنظار عن أزماته العميقة.
ولعل هذه “الوثيقة” المفبركة لم تأت من فراغ، بل جاءت كرد فعل مرتبك على خبر وفاة عدد من الضباط الجزائريين في إيران، في ظروف ما تزال غامضة وتثير الكثير من التساؤلات داخليا وخارجيا، وبدل أن يواجه النظام هذه الأسئلة بقدر من الشفافية والمسؤولية، اختار الهروب إلى الأمام مجددا، عبر تلفيق روايات عن المغرب لا تصمد أمام أي تحليل منطقي أو مهني.
وما يثير السخرية أكثر هو أن من دبر هذه الوثيقة لم يكلف نفسه عناء التدقيق، فوقع في تناقضات فاضحة وأخطاء بدائية تكشف هشاشة الرواية، بحيث رغم عبثية هذه المحاولات، فإن الحقيقة تبقى أقوى من الأكاذيب، والمغرب لا يحتاج إلى الرد بالمثل، لأنه ببساطة يستند إلى منطق الدولة، واحترام مؤسساتها، وثقة شعبه.
ولقد تحولت الدعاية الجزائرية ضد المغرب إلى سلاح استنزاف داخلي، تستخدمه السلطة هناك لصرف أنظار المواطنين عن الأزمات المتراكمة، مثل الإقتصاد المتعثر رغم ثروات الغاز والنفط، زيادة على أن هناك احتقان اجتماعي متصاعد، وتدهور مقلق في الحريات العامة.
وفي النهاية، لا وثيقة مزيفة قادرة على تغيير واقع المغرب ومكانته، ولا حملة دعائية رخيصة يمكن أن تخفي حقيقة الوضع داخل الجزائر، بحيث إذا كان اللجوء إلى فبركة الأخبار هو ما تبقى من أدوات النظام هناك، فإن ذلك لا يدل إلا على غياب القوة الحقيقية، واستمرار الهروب من مواجهة الواقع المرير.
إرسال التعليق