حين يتحدث لقجع عن الإشهار. من يمول الكلمة ومن يسكتها؟

حين يتحدث لقجع عن الإشهار. من يمول الكلمة ومن يسكتها؟
رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي
المناظرة الوطنية الأولى للإشهار لم تكن مجرد لقاء مهني حول سوق الإعلان، بل مرآة تعكس وجه العلاقة الملتبسة بين المال والكلمة، بين الدولة والإعلام، بين الصمت والمكافأة.
كلمة فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، التي ألقاها بالنيابة عنه مدير الميزانية عزيز الخياطي، جاءت محملة بلغة محسوبة، حيث كان الحديث عن التحوّل الرقمي وعن السيادة الإشهارية وعن دعم المقاولات الوطنية، غير أن خلف الألفاظ الرنانة، يطل سؤال أعمق، وهو هل يعاد اليوم تنظيم سوق الإشهار لحماية حرية التعبير، أم لضبطها بميزان التمويل العمومي؟
النقاش حول “إصلاح منظومة الإشهار” لم يأتِ صدفة، بل تزامن مع صعود منابر رقمية مستقلة بدأت تربك الخطاب الرسمي وتكسر احتكار السرد، ومنذ تلك اللحظة، صار الحديث عن “تأهيل القطاع” واجهة أنيقة لسياسة جديدة عنوانها الضمني “ترشيد النقد”.
والإشهار الذي يفترض أن يكون محركا لاقتصاد الكلمة، تحول في غياب الشفافية، إلى وسيلة لترويض المنابر وتسكين نبرتها، والموقع الذي يكتب بحرية، يجد نفسه خارج دائرة الإعلانات، حيث الموقع الذي يتغنى بالإنجازات، يفيض عليه الكرم المؤسسي.
وتحدث الوزير عن ضرورة “إعادة التوازن إلى السوق” وعن “نماذج مالية جديدة”، هي عبارات براقة تخفي صراعا قديما بين من يرى في الإشهار أداة تمويل، ومن يستخدمه كأداة رقابة ناعمة.
وفي زمن تتغير فيه المنصات والوجوه، يبقى السؤال القائم هو هل الدولة تريد إعلاما حرّا يعيش بالإشهار، أم إشهارا يعيش من الإعلام المطيع؟
فقد كانت المناظرة أشبه بدرس في البلاغة السياسية، حيث الحديث عن التحول الرقمي لإخفاء التحول في موازين التأثير، وعن الاستقلالية المالية لتبرير التبعية الاقتصادية، والنتيجة هي إعلام يقاس بميزانية إعلانه لا بجرأته التحريرية، فهناك إعلام يعيش من الكلمة، وآخر يعيش على الإعلان، بينهما تضيع الحقيقة في فواتير التواصل.
إرسال التعليق