حين يصبح التعاون هو الخيار الوحيد للمستقبل بين المغرب والجزائر

حين يصبح التعاون هو الخيار الوحيد للمستقبل بين المغرب والجزائر
رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي
تمر المنطقة المغاربية بمرحلة دقيقة، حيث تتشابك فيها التحديات الإقليمية مع التحولات الدولية المتسارعة، وكما يبدو واضحا أن الجزائر في تمسكها بمواقف جامدة، تغفل عن حقيقة أساسية، وهي أن موازين القوى في أوروبا والعالم لم تعد تسمح بعزلة أو قطيعة طويلة الأمد.
فالعلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تعرف فتورا متزايدا، بينما يزداد ضيق إسبانيا من المطالب المتكررة التي لا تجد صدى عمليا، وتستفيد إيطاليا براغماتيا من صفقات طاقة آنية دون التزامات استراتيجية حقيقية، وأما واشنطن، فقد أبدت أكثر من مرة عدم اكتراث واضح، في حين بدأت بعض العواصم الإفريقية تعبر عن استياء متنام من محدودية الرؤية الجزائرية في القارة.
وعلى الجانب الآخر، رسخ المغرب موقعه كشريك موثوق ومبتكر في نظر الأوروبيين والأفارقة على حد سواء، لأنه بلد يطرح مشاريع تنموية كبرى، ويعرض حلولا عملية في مجالات الطاقة والربط البيني والاستقرار الأمني، و بهذا المعنى، فإن المقارنة بين الطرفين تكشف خللا بنيويا لم يعد بالإمكان تجاهله.
لكن رغم هذا الاختلال، لا تزال الفرص قائمة. فقد أبدى المغرب عبر مبادرات ملكية متكررة، استعدادا لفتح صفحة جديدة مع الجزائر، ليس كمنة مجانية، وإنما كعرض عقلاني لتقاسم الأمن والتنمية والاستقرار، لأن التاريخ يثبت أن كل مبادرة سياسية جادة من الرباط كانت تهدف لبناء أرضية مشتركة تضمن مستقبلا أفضل لشعوب المنطقة، ومن هنا يطرح السؤال الجوهري، وهو إلى متى سيستمر إنكار الحقائق البسيطة؟
إن تقارب المغرب والجزائر ليس مجرد خيار ثنائي، بل هو مسار تاريخي قد يمنح المنطقة بأسرها فرصة نادرة للنهضة والازدهار، بينما الاستمرار في الدوران داخل حلقة الجمود والصراع، لن يخلف سوى مزيد من الضجيج والتبديد.
وسيسجل التاريخ أن الكرامة الحقيقية لشعوبنا لن تتحقق إلا بالتعاون والتكامل، لا بالمنافسة العقيمة أو العزلة الطوعية، لأن المستقبل مهما تأخر، لن يفتح أبوابه إلا لمن اختار الانفتاح على الجار قبل الغريب.
إرسال التعليق