آخر الأخبار

ما بعد الضربة الإسرائيلية لقطر هل سقطت الأقنعة أم أعيد إنتاج المعادلات القديمة؟

ما بعد الضربة الإسرائيلية لقطر هل سقطت الأقنعة أم أعيد إنتاج المعادلات القديمة؟

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


لم تكن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قطر مجرد حادث عابر في سياق الصراع الإقليمي، بل بدت وكأنها جرس إنذار يفرض إعادة قراءة معمقة لطبيعة العلاقة مع الكيان الصهيوني، وحدود ما يمكن أن يبنى معه من تفاهمات أو تفاهمات شكلية.

فالاحتلال الإسرائيلي، الذي عرفه العالم منذ نشأته، لم يتوقف يوما عن تأكيد سلوكه القائم على الخداع، واستغلال اللحظات السياسية والفراغات الأمنية لتحقيق مكاسب استراتيجية، حيث الحادثة الأخيرة تكشف بوضوح أن “إسرائيل” لا شريك لها إلا من يخدم مشروعها، وأن مفهوم “التحالف” عندها ليس إلا أداة وظيفية قابلة للانقلاب في أي لحظة.

وعلى المستوى الدولي، أثبتت التجربة مجددا أن الغرب الجماعي لم ولن يتخل عن دوره كحام للكيان، حيث طوال العقود الماضية، لم يسبق للولايات المتحدة أو أوروبا أن فرضت على “إسرائيل” أي محاسبة حقيقية، بل على العكس، ظلت المساعدات العسكرية والمالية تتدفق بلا انقطاع، وظل الغطاء السياسي والدبلوماسي والإعلامي حاضرا لتبرير كل عدوان أو التغطية على كل جريمة، وهذا ما يعكس ازدواجية صارخة، تتجلى في خطاب عن الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة، وتواطؤ عملي مع الاحتلال من جهة أخرى.

وبالنسبة للمنطقة، فإن الضربة ضد قطر قد تعيد خلط الأوراق في الخليج والعالم العربي، بحيث الدول التي راهنت على أن الانفتاح أو التطبيع مع “إسرائيل” قد يحقق لها مكاسب استراتيجية، تجد نفسها اليوم أمام مشهد أكثر تعقيدا، فأي رهان هذا إذا كان الحليف المزعوم يوجه ضرباته بلا تردد، ويظهر أن “التطبيع” بالنسبة إليه ليس سوى ورقة ابتزاز وليست أرضية شراكة؟

إن المؤشرات الأولية تقول إننا أمام لحظة اختبار حقيقية، فإما أن تتحول هذه الضربة إلى منعطف يعيد تشكيل أولويات السياسة العربية، ويؤسس لوعي جماعي بأن التعامل مع “إسرائيل” لا يبنى على الثقة، بل على ميزان قوة ورؤية استراتيجية واقعية، وإما أن يتم امتصاص الصدمة كما امتصت المنطقة عشرات الصدمات السابقة، ليعاد إنتاج المعادلات ذاتها التي تجعل من الاحتلال لاعبا طليق اليدين، محميا من محيطه ومدعوما من الغرب.

وفي المحصلة لا يبدو ما بعد الضربة الإسرائيلية لقطر كما قبلها، لأن الأقنعة تسقط تباعا، والخيارات تضيق، والأسئلة تتكاثر، فهل تملك العواصم العربية والإسلامية إرادة سياسية حقيقية لمواجهة هذا الواقع، أم أن الزمن سيعيدنا إلى دورة جديدة من الصمت والتعايش مع الغدر الإسرائيلي؟

إرسال التعليق