محكمة النقض وتعزيز شرعية الدليل في ظل تعديلات قانون المسطرة الجنائية
رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي
تشكل شرعية الدليل إحدى أهم الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة، خصوصا في ظل التحولات التشريعية التي عرفها قانون المسطرة الجنائية، حيق في هذا الإطار، تبرز مكانة محكمة النقض بصفتها الحارس الأعلى لتطبيق القانون، إذ أسندت لها التعديلات الأخيرة مهمة حاسمة تتجلى في مراقبة قانونية وشرعية الأدلة المعتمدة أمام المحاكم.
فبموجب هذه التعديلات، لم يعد كافيا أن يكون الدليل موجودا أو مسندا إلى واقعة مادية، بل أصبح من الضروري أن يكون مبنيا على أساس قانوني سليم، وأن يكون قد تم الحصول عليه عبر وسائل مشروعة، سواء تعلق الأمر بالأدلة التي تنتجها الجهات الرسمية المكلفة بالبحث الجنائي، أو تلك المقدمة من طرف الخواص والأفراد.
وتشدد محكمة النقض اليوم على أن أي دليل يتم الحصول عليه عن طريق التحايل، أو خرق السر المهني، أو انتهاك ضوابط العمل داخل المؤسسات ومداولاتها، أو عبر أي وسيلة غير مشروعة، يفقد قيمته القانونية، ولا يمكن أن يشكل أساسا للحكم أو الإدانة، حيث العدالة لا تبنى على مخالفة القانون، والغاية ـ مهما كانت نبيلة ـ لا تبرر الوسيلة إذا كانت هذه الأخيرة منافية للمشروعية.
إن هذا التوجه القضائي يعكس إرادة واضحة لتعزيز حماية الحقوق والحريات، وضمان أن تظل إجراءات البحث والتحقيق منضبطة لأحكام القانون، بعيدا عن كل أشكال التعسف أو الاجتهاد غير المشروع، كما يهدف إلى وضع حد لأي ممارسة قد تفضي إلى “شرع اليد” أو خلق نوع من القصاص الخاص خارج إطار الدولة.
وبذلك ترسخ محكمة النقض مبدأً جوهريا مفاده أن الدليل المشروع وحده هو الذي يصنع عدالة مشروعة، وأن احترام القانون يظل الشرط الأول والأساسي لتحقيق الأمن القضائي وصون كرامة المتقاضين.
إرسال التعليق