آخر الأخبار

“ملاعب القرب بسلا” مجانية على الورق وكراء في الخفاء

“ملاعب القرب بسلا” مجانية على الورق وكراء في الخفاء

رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي


تعيش مدينة سلا كما العديد من المدن المغربية، على وقع إشكال متكرر يتعلق بتدبير واستغلال ملاعب القرب التي أنشئت في الأصل لخدمة الشباب وتشجيعهم على ممارسة الرياضة في فضاءات آمنة ومجانية، إلا أن الواقع كما يؤكده عدد من المواطنين، يبدو بعيدا كل البعد عن الأهداف المعلنة لهذه المشاريع، حيث هناك المجانية المعلنة والكراء المبطن.

رغم أن ملاعب القرب أُحدثت بتمويل عمومي، وبنصوص قانونية واضحة تضمن مجانيتها، إلا أن العديد من شباب المدينة يؤكدون أن استغلال هذه الملاعب أصبح خاضعا للوساطة أو الأداء غير المبرر، حيث كل من يرغب في حجز ساعة من اللعب يجد نفسه مضطرا إلى التعامل مع أشخاص “مكلفين” أو “وسطاء”، يفرضون تسعيرات متفاوتة دون أي سند قانوني.

ويحكي بعض الشباب أنهم حاولوا مرارا التواصل مع الجهة الرسمية المفترض أنها تشرف على هذه الملاعب، إلا أنهم يصطدمون بتعقيدات إدارية أو غياب تام للمسؤولين المحليين، في ظل غموض يلف عملية تدبير هذه المنشآت، وسط اتهامات بالمحسوبية وبيع الاستفادة.

وحسب ما صرح به مواطنون وفاعلون جمعويون، فإن قسما مسؤولا بعمالة سلا يتهم بتوزيع صلاحيات تدبير الملاعب وفق منطق المحسوبية والزبونية، إذ تمنح الأفضلية لجمعيات أو أفراد تربطهم علاقات قرب من بعض الجهات النافذة، مقابل تهميش الجمعيات الجادة أو المستقلة.

ويرى مراقبون أن هذا السلوك يدخل ضمن ما أطلق عليه البعض “سياسة الفوضى الناعمة”، التي تبقي الأمور في حالة رمادية تسمح بالتحكم في الفضاءات العامة وتوجيهها لخدمة مصالح انتخابية ضيقة، حيث بدل أن تكون ملاعب القرب متنفسا رياضيا، تحولت إلى أداة لتجميع قاعدة انتخابية عبر الولاءات والمحسوبية.

والمفارقة الكبرى أن الملاعب التي تكرى بشكل غير رسمي، وتدر مداخيل مجهولة المصير، تعاني في المقابل من تدهور واضح في بنيتها التحتية، لأن بعضها في حالة مزرية رغم المداخيل، حيث الأرضيات متشققة، والشباك ممزقة، والإنارة مفقودة في بعضها، بل إن بعض الملاعب لم تعد صالحة حتى لممارسة أبسط أنواع الرياضة، لأنه رغم الشكايات المتكررة، تبقى الجهات المسؤولة صامتة، تاركة الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، فمن المستفيد؟ ومن يحاسب؟

والسؤال الذي يطرحه سكان سلا اليوم بإلحاح، هو من يستفيد فعلا من مداخيل هذه الملاعب؟ وهل تحول فعلا لإصلاحها وصيانتها؟ أم أنها تذهب لجيوب بعض المتحكمين في خفاء؟ وأين يطالب المواطنون بضرورة فتح تحقيق شفاف من قبل السلطات الوصية، لتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من يثبت تورطه في استغلال هذه المنشآت العمومية لأغراض خاصة أو انتخابية.

تبقى ملاعب القرب مشروعا نبيلا أُريد به خدمة الشباب، لكنه تحول للأسف في غياب الحكامة والشفافية إلى رمز من رموز العبث المحلي، حيث حين تصبح الرياضة التي يفترض أن تكون وسيلة للتربية والانفتاح، مجالا للوساطة والريع، فإن السؤال الذي يجب أن يطرح بإلحاح،  هو من يصلح ما أفسد؟ ومن يعيد الثقة في المرفق العمومي؟

إرسال التعليق