“ميزانية جماعة سلا 2026” أموال عامة تناقش بلا أثر تنموي واضح
“ميزانية جماعة سلا 2026” أموال عامة تناقش بلا أثر تنموي واضح
رصدالمغرب / عبدالصمدالشرادي
في دورة مجلس جماعة سلا الأخيرة، التي خصصت لمناقشة ميزانية سنة 2026، لفت انتباه المتتبعين أن النقاش لم يخرج عن المألوف، إذ اقتصر مجددا على الجوانب التقنية للمصاريف والحسابات والمبالغ المرصودة لكل مجلس على حدة، و لكل قطاع ومصلحة، دون أن ينعكس ذلك على تقييم فعلي لحصيلة الإنجازات أو مخرجات التنمية المحلية المنتظرة.
ورغم أهمية الأرقام المعلنة، إلا أن ما يلاحظ، بحسب مصادر متابعة، هو غياب مشاريع نوعية ذات بصمة واضحة للمجالس، سواء المجلس الجماعي الحالي، ولا مجالس المقاطعات الخمس لمجلس سلا، باستثناء المشاريع الملكية الكبرى التي تشهدها المدينة في مجالات البنية التحتية والتنمية الحضرية، وذلك له ميزانيته الخاصة خارج حسابات المجلس الجماعي، حيث هذه المفارقة تثير تساؤلات جدية حول جدوى صرف المال العام، ومكامن القصور في تدبير الشأن المحلي.
ومن خلال تتبع تفاصيل الميزانيات المخصصة لكل قطاع، سنعرض في سلسلة من الحلقات التحليلية المقبلة، مكونات كل ميزانية على حدة، لتوضيح كيفية صرف الموارد المالية، وأولويات الإنفاق، ومدى انعكاسها على المواطن السلاوي، الذي يظل الطرف الأضعف في معادلة التسيير، في ضل سباق المناصب، والذي هو وجه آخر لاستخدام المال العام.
واللافت في المشهد السياسي المحلي هو أن بعض المنتخبين والمترشحين المحتملين لاستحقاقات 2026 بدأوا مبكرا في تحركات ميدانية غير معلنة، حيث يمكن القول أنها مشبوهة، لأنها غير اعتيادية، وهي في ما يشبه حملات انتخابية مسبقة، تستخدم فيها نفس الوجوه الدعائية من الطبقات الشعبية، التي تستعمل كجسر تواصلي بين المترشحين والفئات الهشة التي تشكل قاعدة انتخابية مؤثرة.
ويرى متتبعون أن هذا الحراك المبكر يعكس حقيقة أخرى، وهي أن الوصول إلى منصب جماعي أصبح بالنسبة للبعض وسيلة لتعويض نفقات الحملات الانتخابية السابقة، أكثر مما هو التزام بخدمة الصالح العام، مما يفرغ المسؤولية السياسية من محتواها الأخلاقي والتنموي، حيث يتبخر المال العام بين الطموح الشخصي والمسؤولية الجماعية.
وفي ظل غياب تقييم موضوعي للإنجازات، وتكرار نفس الوجوه والوعود، تظل الأسئلة مطروحة بإلحاح، وهي أين تصرف ميزانيات الجماعة والمقاطعات المنضوية تحتها؟ وما المعايير التي تبنى عليها أولويات الإنفاق؟ ولماذا تظل المدينة، رغم الإمكانات المرصودة، عاجزة عن تحقيق قفزة نوعية في خدماتها الأساسية؟
هي أسئلة سنحاول الإجابة عنها، بالأرقام والوثائق، في سلسلة من التقارير الاستقصائية التي تروم تسليط الضوء على مكامن الخلل في تدبير المال العام، وتفكيك خلفيات السباق المحموم نحو المناصب المنتخبة في مدينة سلا.
يتبع …
إرسال التعليق