
أزمة نفايات في قلب تابريكت من يراقب شركة موكومار؟ وأين المجلس الجماعي من كل هذا؟
رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي
في مشهد يومي يتكرر أمام أعين المارة وركاب الطرامواي وسكان الأحياء المجاورة، تعرض النفايات في قلب الشوارع والأزقة كأنها جزء من المشهد الحضري المعتاد، حيث الأمر لم يعد يتعلق بتقصير ظرفي أو خطأ فردي، بل بتحول مزمن في تدبير قطاع النظافة بمدينة سلا، حيث تظهر علامات فشل واضحة في الأداء المفترض لشركة “موكومار”، المفوض لها تدبير هذا القطاع الحيوي.
ورغم الأصوات المتصاعدة للسكان، خصوصا بمنطقة تابريكت، الذين لم يتوقفوا عن تقديم الشكايات للمقاطعة ولرئاسة المجلس الجماعي، إلا أنه على ما يبدو أن الآذان صماء، ولا جياة لم تنادي، أو أن “الاهتمام” لا يستدعى إلا على إيقاع الحملات الانتخابية، لأن تلك النفايات التي تظل متراكمة لساعات، بل وأحيانا لأيام، في جو خانق وتحت شمس الصيف الحارقة، تكشف واقعا مقلقا حول غياب الرقابة والمحاسبة.
وإن وضعنا شركة “موكومار” تحت المجهر، لابد أن نطرح سؤال من يراقب ومن يحاسب؟، لأن شركة “موكومار”، التي حصلت على عقد التدبير المفوض لقطاع النظافة بمدينة سلا، تفترض خضوعها لرقابة صارمة من طرف السلطات المحلية، وعلى رأسها المجلس الجماعي، الذي يفترض أن يراقب مدى احترام الشركة لبنود دفتر التحملات، غير أن الواقع يعكس شيئا آخر، وهو غياب شبه تام للتتبع والمحاسبة، ما يطرح تساؤلات حول مدى التزام الجماعة بالقيام بدورها الرقابي، أو بالأحرى هل ما زال هذا الدور يمارس فعلا؟
ووسط أحياء مهمشة وسكان غاضبون، وفي مناطق كـ”تابريكت” و”بطانة” وغيرها، يعيش السكان حالة من الغضب والإحباط بسبب التدهور المستمر في خدمات النظافة، يصرح أحد السكان، بأنه اقتنى شقته بمبلغ كبير، واليوم يجد نفسه محاطا بالنفايات والروائح والذباب الذي أصبحيشاركهم الحياة، فهل هذه هي المدينة التي وعدنا بها؟”.
إن الشكايات المتكررة لم تثمر أي تدخل ملموس، ما يعكس عجزا بنيويا أو تجاهلا متعمدا، وربما أسوأ، فربما يكون نوعا من التواطؤ الضمني والتقصير في أداء المهام بين من يفترض بهم أن يراقبوا، وبين من يفترض أن يحاسبوا، فأين أين مجلس المدينة؟
منذ بداية الولاية الحالية، لم يسجل مجلس جماعة سلا أي مشروع هيكلي في قطاع النظافة، خارج ما تنجزه الجهات المركزية أو في إطار المشاريع الملكية، وباستثناء بعض الخرجات التواصلية أو اللقاءات الإعلامية، يبدو أن المجلس يفضل الصمت، وكأن الواقع لا يعنيه.
وهذا الصمت لم يعد يفسّر فقط بالإهمال، بل بدأ المواطنون يربطونه بانعدام الإرادة السياسية، أو حتى بحسابات لا تمت بصلة لمصلحة المدينة، فإذا كانت المحاسبة مبدأ دستوريا، فإن تطبيقه على أرض الواقع يظل حبيس الخطابات والبلاغات.
وبين الغياب والتقصير، المواطن هو الضحية، لأن أزمة النفايات في سلا ليست فقط مشهدا بصريا مؤلما، بل تعبير صارخ عن فشل جماعي في تدبير مرفق عمومي أساسي، حيث في ظل الغياب المستمر للرقابة والمحاسبة، يظل المواطن هو الخاسر الأول، والمشهد البيئي هو الضحية الكبرى.
فهل تتحرك الجهات المسؤولة لتصحيح هذا المسار قبل أن تغرق المدينة أكثر؟ أم أن الأمر سيظل مؤجلا إلى موسم انتخابي آخر، حيث ترفع الشعارات وتنسى الوعود مجددا؟
إرسال التعليق