أساتذة التربية الإسلامية يدعون إلى مدرسة مغربية قيميّة جديدة ويُحذرون من تهميش المادة في الإصلاح التربوي

أساتذة التربية الإسلامية يدعون إلى مدرسة مغربية قيميّة جديدة ويُحذرون من تهميش المادة في الإصلاح التربوي
رصد المغرب
عقد المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية اجتماعه الدوري يوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بمركز التصور الإبداعي بالقنيطرة، في أجواء تنظيمية جادّة، خصصها لتدارس القضايا التربوية الراهنة ومستجدات المنظومة التعليمية في ضوء توصيات المؤتمر الوطني السابع للجمعية.
وقد أصدر المكتب الوطني بيانًا ختاميًا تضمن مجموعة من التوصيات والمواقف التي عكست وعيًا عميقًا بالتحديات القيمية والتربوية التي تواجه المدرسة المغربية.
في مستهل بيانه، دعا المكتب الوطني إلى إرساء نموذج تربوي مغربي جديد، يستند إلى التوافق المجتمعي حول منظومة القيم، ويعالج الاختلالات التي تشهدها المدرسة المغربية. وأكد على ضرورة أن تستمد هذه المدرسة مرجعيتها من ثوابت الأمة كما نص عليها الدستور، في انسجام مع التحولات المجتمعية والثقافية المتسارعة.
ونبّه البيان إلى أهمية تعزيز التكامل بين مؤسسات التنشئة الاجتماعية – المدرسة، الأسرة، الإعلام، والمجتمع المدني – باعتبارها روافد أساسية في بناء وعي قيمي متماسك، قادر على مواجهة التحديات الرقمية والثقافية المعاصرة، ضمن فلسفة تربوية منبثقة من الهوية المغربية الأصيلة.
كما دعا البيان إلى اعتماد مدخل القيم الإسلامية والوطنية والإنسانية في صياغة المناهج الدراسية، في إطار رؤية شمولية تُرسّخ الانتماء الوطني وتُعزز الهوية الحضارية للمغرب، بما يجعل المتعلم فاعلاً ومعتزًا بانتمائه ومتوازنًا في شخصيته.
وشدّد المكتب الوطني على أن مادة التربية الإسلامية تمثل ركيزة محورية في ترسيخ القيم الدينية والوطنية، وتكوين المتعلم المنفتح على القيم الكونية، داعيًا إلى أن تظل هذه المادة جزءًا أساسياً من أي إصلاح تربوي مستقبلي يروم تجويد التعلمات وبناء مدرسة المواطنة والانفتاح.
وسجّل البيان استياء الجمعية من مظاهر التهميش التي لحقت المادة في عدد من المحطات التربوية، وعلى رأسها إقصاؤها المتكرر من مباراة تكوين المفتشين (دورتي 2023 و2025)، وتقليص الغلاف الزمني المخصص لها في بعض الشعب العلمية.
ودعت الجمعية وزارة التربية الوطنية إلى الرفع من معامل المادة وزيادة حصصها، وإدراجها في برامج التكوين المهني، إلى جانب تخصيص مناصب لسلك التبريز أسوة بباقي المواد الدراسية، معتبرة أن هذا الإنصاف ينسجم مع التوجيهات الملكية والنموذج التنموي الجديد.
وفي السياق نفسه، شددت الجمعية على ضرورة إعادة الاعتبار للتعليم الأصيل باعتباره مكونًا أساسيًا ومكملاً للتعليم العام، داعية إلى تفعيل المذكرات الوزارية الخاصة به وتحيين برامجه ومناهجه بما ينسجم مع روح القانون الإطار 17-51.
وثمّنت الجمعية الرسالة الملكية السامية الداعية إلى إحياء ذكرى مرور خمسة عشر قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، ودعت إلى تفعيل المذكرة الوزارية الخاصة بأداء الصلاة في المؤسسات التعليمية، مقترحة تأسيس نوادي للقرآن الكريم والسيرة النبوية والتربية على القيم وتنظيم مسابقات وطنية في هذا الإطار.
وفي بُعد إنساني وسياسي، ختم المكتب الوطني بيانه بتهنئة الشعب الفلسطيني، وخاصة أهل غزة، على توقف العدوان الغاشم، معتبرًا ذلك نصرًا للمقاومة وصمودها، ومستشهدًا بقوله تعالى:
«سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ» (الرعد/25).
وأكد البيان استعداد الجمعية الدائم للانخراط الإيجابي في الإصلاح التربوي، والعمل على ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال والانفتاح، انسجامًا مع توجهات المملكة في بناء مدرسة الجودة والإنصاف وتكافؤ الفرص.
يظهر من البيان أن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية لم تكتفِ بعرض مطالب فئوية، بل قدمت رؤية قيمية شمولية لإصلاح المنظومة التعليمية، تجعل من مادة التربية الإسلامية محورًا لتجديد المدرسة المغربية، وتربط بين المضمون التربوي والهوية الوطنية، في زمن تتنازع فيه القيم والمرجعيات داخل الحقل التعليمي..
إرسال التعليق