البرلماني المهاجري وتهاوي الخطاب السياسي على حساب كرامة مهنيي الصحة

آخر الأخبار

البرلماني المهاجري وتهاوي الخطاب السياسي على حساب كرامة مهنيي الصحة

رصد المغرب / حمزة ابراهيمي (مسؤول الإعلام و التواصل النقابة الوطنية للصحة العمومية ف د ش)


في خضم النقاش الوطني المتصاعد حول إصلاح المنظومة الصحية في المغرب، خرج البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، السيد المهاجري، العائد الى اضواء السياسة بعد ان تم العفو عنه، بتصريحات مستفزة في إحدى التجمعات الحزبية، يهاجم فيها الممرضين والممرضات العاملين في المناطق النائية والجبال المعزولة، متهمًا إياهم بالتقاعس والجلوس للحناء ولعب الورق، متغاضيًا عن الظروف الصعبة التي يشتغلون فيها، والتضحيات الجسام التي يقدمونها يوميًا في خدمة المواطن.

إن هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تُقرأ في سياق تملص سياسي من المسؤولية، ومحاولة بائسة لتحويل فشل السياسات الحكومية في القطاع الصحي إلى شماعة يعلّق عليها السياسيون إخفاقاتهم. فمن المؤسف أن ينقلب ممثل الأمة، بدل أن يدافع عن مطالب تحسين ظروف العاملين في الصحة، إلى مهاجم لهم بتهم لا أساس لها من الواقع، ولا تراعي حتى الحد الأدنى من أخلاقيات العمل السياسي.

هل نسي السيد المهاجري أن تعيين هؤلاء الممرضين والممرضات يتم غالبًا دون تمكينهم من أدنى وسائل العمل؟ أم أنه تجاهل عمدًا أن كثيرًا من المراكز الصحية في القرى والجبال تفتقر حتى إلى الماء الصالح للشرب، فضلًا عن الأدوية أو التجهيزات الطبية؟ إن تحميل الأطر التمريضية وزر سياسات فاشلة أمر غير مسؤول، ويكرّس ثقافة جلد الضحية.

كما أن هذه الاتهامات الجوفاء لا تستقيم أمام الواقع المعاش، حيث يصمد الممرضون والممرضات في وجه العزلة، وانعدام وسائل النقل، والتهديدات الأمنية أحيانًا، فقط من أجل ضمان حد أدنى من الخدمات الصحية للمواطنين. وبدل أن يُشكروا، يُجازَون بالتشويه والتشهير العلني من داخل مؤسسات يفترض أن تمثل صوتهم.

الغريب أن السيد المهاجري لم يوجّه ولو جزءًا بسيطًا من نقده إلى الحكومة التي يشكّل حزبه ثاني مكون فيها، ولم يُحمّل أي مسؤولية للوزارات المعنية التي تُنشئ مراكز صحية بناءً على منطق المحاباة والترضيات السياسية، لا وفق الحاجات الحقيقية للمواطنين أو للأطر الطبية.

إن خطاب السيد المهاجري لا يعبّر فقط عن ضعف تقدير للدور النبيل لمهنيي الصحة، بل يكشف كذلك عن أزمة أخلاقية في الخطاب السياسي، حيث تتحول التجمعات الحزبية إلى ساحات استعراض و”بوز”، عوض أن تكون منصات للتشخيص الجاد وتقديم الحلول الواقعية لمشاكل الناس.

وفي الختام، فإن حق المغاربة في الصحة لا يتحقق بالاستعراض الخطابي ولا بالكوميديا السياسية، بل بالترافع الجاد والميداني عن عدالة الولوج إلى العلاج، وتجهيز المراكز الصحية، وضمان ظروف العمل الكريمة للأطر الصحية. أما التهجم على الممرضين والممرضات في الجبال والقرى فليس إلا تعبيرًا عن فشل سياسي لا يريد الاعتراف بمسؤوليته الحقيقية.

إرسال التعليق