
التعاونيات في مرمى التسلط: هل تحولت السلطة المحلية إلى خصم تنموي؟
رصد المغرب
في مغرب ما بعد دستور 2011، حيث تعالت الأصوات الرسمية من أعلى هرم الدولة، داعية إلى ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وتمكين المواطن من حقوقه كاملة غير منقوصة، لا يزال بعض المسؤولين المحليين يتصرفون وكأنهم فوق القانون، ضاربين عرض الحائط بالتوجيهات السامية، ومستخفّين بأدوار المجتمع المدني والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في مشهد يعكس تناقضاً صارخاً مع الإرادة العليا للبلاد.
في هذا السياق، يطل علينا ملف مقلق من قيادة سيدي اليمني، إقليم طنجة أصيلة، حيث يتعرض رئيس تعاونية “التيسير بلادي”، السيد جمال اعبيدة، لما وصفه بـ”تصرفات تعسفية وغير قانونية” من طرف قائد القيادة السيد ر-د. فحسب ما جاء في شكاية موجهة إلى السيد رئيس قسم الاستعلامات العامة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، فإن القائد أقدم، صبيحة يوم 13 أبريل 2025، على هدم أعمدة تابعة للتعاونية دون سابق إشعار أو سلوك المساطر القانونية المعمول بها، مما تسبب في أضرار مادية ومعنوية جسيمة.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تجاوزت إلى تدخل مباشر في الشؤون الداخلية للتعاونية، إذ حاول القائد – حسب الشكاية – فرض إقالة أحد أعضاء المكتب بدعوى سابقة اعتقاله، وهو ما رفضه رئيس التعاونية، مستندًا إلى مضامين الخطاب الملكي الداعي إلى إعادة إدماج السجناء وتمكينهم من حياة كريمة بعد انقضاء محكوميتهم. ليرد القائد – حسب نفس المصدر – بتهديدات مباشرة، مستعيناً بأعوان السلطة، معلناً نية عزله من منصبه.
إن مثل هذه الممارسات، التي توصف بكونها سلطوية ومخالفة للقانون والدستور، تضرب في العمق الثقة بين الدولة والمواطن، وتضر بصورة المغرب السائر نحو التحديث والعدالة الاجتماعية. كما أنها تقف حجرة عثرة أمام مشاريع الاقتصاد التضامني، الذي يُراهن عليه في تنمية العالم القروي وخلق فرص الشغل ومحاربة الهشاشة.
من هنا، تبرز الحاجة الملحة إلى فتح تحقيق نزيه وشفاف في هذه الواقعة، للوقوف على حقيقة ما جرى، وإنصاف المتضررين، وتوجيه رسالة واضحة مفادها أن لا أحد فوق القانون، وأن الإدارة العمومية وُجدت لخدمة المواطن لا لترهيبه.
ويبقى السؤال المفتوح: إلى متى سيظل بعض ممثلي السلطة يتصرفون بمنطق الإقطاع الإداري في مغرب المؤسسات والحقوق؟
إرسال التعليق