الجامعة الجزائرية بين القيود الإدارية ومصادرة الكلمة الحرة

آخر الأخبار

الجامعة الجزائرية بين القيود الإدارية ومصادرة الكلمة الحرة

رصد المغرب /

في مشهد يعكس تراجعات مقلقة على مستوى الحريات الأكاديمية، تفرض السلطات العسكرية الجزائرية – حسب ما تداولته تقارير موثوقة – قيودا جديدة تمنع أساتذة التاريخ من التصريح لأي وسيلة إعلامية أجنبية حول تاريخ الجزائر بعد عام 1962، إلا بعد الحصول على “رخصة” إدارية، هذا يحدث في بلد يفترض أنه يحتفي بالثورة، حيث يبدو أن سرد التاريخ بات حكرا على جهة واحدة، والإذن بالحديث عنه يحتاج إلى تأشيرة سياسية أكثر منه مسألة أكاديمية.

وأن تكون أستاذا جامعيا، حاملا لشهادة الدكتوراه، باحثا قضيت سنوات في أرشيفات التاريخ ومنشغلا بإنتاج المعرفة، فجأة يطلب منك “التحرك بأمر” و”التصريح بإذن”، فهذه ليست مجرد إجراءات تنظيمية، إنها مؤشرات مقلقة على عسكرة الفضاء الأكاديمي وتفريغه من جوهره الذي يرتكز على حرية البحث والتفكير.

لذلك فالجامعة التي يفترض أن تكون مساحة حرة للنقاش والجدل العلمي، أصبحت تدار وكأنها ثكنة عسكرية، الأستاذ الجامعي يعامل كجندي، تقيد كلماته، وتراقب تحركاته، ويحاسب على اجتهاده العلمي إن لم يكن متوافقا مع السردية الرسمية، فكيف يمكن لمؤسسة أكاديمية أن تحافظ على مصداقيتها وسط هذا التضييق؟ وكيف ينتظر من الباحث أن يسهم في النقاش العمومي أو الأكاديمي إن كان ممنوعا من الكلام خارج أسوار المؤسسة، إلا بإذن إداري عسكري؟

إن ما يحدث لا يمثل فقط انتهاكا لحرية التعبير، بل هو تهديد صريح لما تبقى من شرعية الجامعة الجزائرية كمؤسسة للعلم والمعرفة، فالجامعات في العالم تقاس بجودة بحوثها، وبمدى استقلاليتها، وبقدرة أساتذتها على المشاركة في النقاشات الدولية، أما في الجزائر فالمعيار الجديد هو الانضباط والسكوت.

إن التاريخ لا يكتب بالإملاء، ولا يصان بمنع الباحثين من الكلام، بل يزيف حين يحتكر، ويشوه حين يخنق النقاش حوله.

إرسال التعليق