
الدعم الأميركي لإسرائيل هل هو درع مالي أم رئة للتنفس الاقتصادي؟
رصدالمغرب / عبدالكبير بلفساحي
في ظل التصعيد العسكري المتواصل والتوترات الداخلية التي تعصف بالمشهد السياسي الإسرائيلي، يزداد الحديث عن العبء الاقتصادي الهائل الذي تتحمله تل أبيب، وعن الدور الجوهري الذي يلعبه الدعم الأميركي في إبقائها على قدميها، حيث محللون يرون أن “إسرائيل”، لولا هذا الدعم لكانت ستجد نفسها أمام أزمة مالية خانقة قد تدفعها إلى الركوع اقتصاديا.
فمنذ توقيع مذكرة التفاهم عام 2016، تلتزم واشنطن بتقديم مساعدات عسكرية سنوية ثابتة لإسرائيل تصل إلى 3.8 مليار دولار، و هذه المبالغ هي التي تصرف حصريا على شراء الأسلحة الأميركية وتطوير أنظمة دفاعية مثل “القبة الحديدية”، والتي تشكل حجر الزاوية في التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي.
لكن المساعدات لا تقف عند الحدود العسكرية، فالولايات المتحدة تمنح حليفها حماية سياسية واسعة في المحافل الدولية، وأبرزها في مجلس الأمن، حيث استخدم حق النقض عشرات المرات لإجهاض قرارات تدين الاحتلال، وأيضا تمتد الشراكة إلى مجالات البحث العلمي والأمن السيبراني، وهو ما يقلل من تكاليف التطوير المحلي.
إن إسرائيل التي تنفق نحو 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، تواجه ضغوطا متزايدة على ميزانيتها مع كل جولة تصعيد، حيث الحروب الأخيرة في غزة ولبنان كبدت الاقتصاد خسائر مباشرة من تعويضات وإصلاحات للبنية التحتية، وأخرى غير مباشرة من تباطؤ الإنتاج وهروب الاستثمارات وتراجع السياحة.
وإلى جانب ذلك، تتفاقم الأزمات الداخلية، بدءا من الانقسامات السياسية الحادة مرورا بتراجع شعبية الحكومة، وصولا إلى الاحتجاجات المتكررة التي تشل بعض القطاعات الحيوية.
وهناك تقديرات اقتصادية تشير إلى أن توقف الدعم الأميركي سيخلق فجوة تمويلية بمليارات الدولارات في الميزانية الإسرائيلية، ما قد يضطر الحكومة إلى زيادة الضرائب أو تقليص الإنفاق الاجتماعي، وهو ما يهدد باضطرابات داخلية واسعة، حيث أن تراجع الإمدادات العسكرية الأميركية سيبطئ من وتيرة التحديث التكنولوجي في الجيش، ويترك إسرائيل أمام عزلة سياسية أعمق على الساحة الدولية.
وهنا يبقى السؤال قائما، وهو هل الدعم الأميركي لإسرائيل مجرد أداة لتعزيز تحالف استراتيجي، أم أنه شريان حياة اقتصادي وسياسي لا غنى عنه؟، لأن المؤكد هو أن استمرار هذا الدعم يعد أحد أعمدة استقرار الكيان، وأن اهتزازه سيعيد تشكيل المشهدين الداخلي والإقليمي بصورة جذرية.
إرسال التعليق