الذهب الأسود يتهاوى عالمياً… والكازوال يشعل جيوب المغاربة: من يربح في صمت؟
رصد المغرب
في الوقت الذي تهاوت فيه أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات في الأسواق العالمية، يستفيق المواطن المغربي كل صباح على واقع مرّ: أسعار الكازوال والبنزين تواصل التحليق بلا سقف.
مفارقة لا تجد تفسيراً في قواعد السوق الحرة، بل تفتح الباب أمام سؤال كبير: من المستفيد من هذا الارتفاع “المحلي” المزمن؟
وفق المؤشرات الدولية، بلغ سعر برميل النفط مستويات تقترب من تلك التي شهدها العالم خلال جائحة كورونا، حيث تراجع الطلب العالمي بشكل غير مسبوق.
ورغم هذه المعطيات، لم ينعكس هذا الانخفاض إيجاباً على محطات الوقود في المغرب، ليظل ثمن الكازوال في خانة “اللا مبرر”.
المراقب الاقتصادي العادي سيتساءل: أين اختفى دور مجلس المنافسة؟ وأين وزارة الطاقة؟ ولماذا لم نشهد أي تدخل لإعادة التوازن إلى السوق؟ بل الأدهى، أن غياب المراقبة الفعلية أصبح قاعدة، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول إن كانت الحكومة عاجزة أم متواطئة بصمتها؟
منذ قرار تحرير سوق المحروقات سنة 2015، تم الترويج للفكرة باعتبارها خطوة نحو “تخفيض الأسعار” و”تحفيز التنافسية”.
لكن بعد عشر سنوات تقريباً، تبدو النتيجة عكسية تماماً: الأسعار ترتفع كلما سنحت الفرصة، وتبقى مرتفعة حتى عندما تتراجع الأسعار عالمياً.
المواطن يؤدي الثمن، بينما فئة محددة من الشركات تحقق أرباحاً خيالية في ظل غياب أي سقف للربح أو آلية لردع الجشع.
البيانات تشير إلى تركيز السوق في يد ثلاث شركات كبرى تستحوذ على أغلب الحصة، وسط صمت حكومي مطبق.
شركات تشتري النفط عندما يكون رخيصاً، وتبيعه للمستهلك عندما يكون غالياً.
المفارقة؟ الربح مضمون في كل الحالات.
ومع غياب تقارير تفصيلية حول تكاليف الاستيراد والتخزين والتوزيع، يبقى المواطن رهينة أرقام لا أحد يتحقق من صدقيتها.
الوضع الحالي يكشف عن خلل عميق في تركيبة الاقتصاد المغربي، حيث يتم تحميل المواطن البسيط كلفة غياب الشفافية، وضعف المراقبة، والامتيازات الممنوحة لفئة صغيرة من الفاعلين الاقتصاديين المحميين سياسياً.
وهو ما يفرض اليوم طرح السؤال بصوت عالٍ: هل فعلاً نعيش في اقتصاد حر، أم في “سوق محروقات خاص” بقوانين تخدم جيوباً معينة على حساب جيوب المغاربة؟
إرسال التعليق