الكرملين يمد السجاد الأحمر لغويتا والغياب الجزائري يثير التساؤلات

آخر الأخبار

الكرملين يمد السجاد الأحمر لغويتا والغياب الجزائري يثير التساؤلات

رصد المغرب / عبدالله السعدي


في مشهد سياسي محمل بالدلالات، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره المالي أسيمي غويتا في قصر الكرملين بموسكو، في زيارة رسمية كرّست تحوّلا عميقا في خريطة التحالفات الإفريقية، حيث رئيس مالي الذي تصفه بعض الجهات وفي مقدمتها الجزائر، بـ”الانقلابي المنبوذ”، لم يقابل في موسكو إلا بالتكريم، وبتوقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية شملت مجالات الاقتصاد والدفاع والطاقة.

وزيارة غويتا إلى موسكو، ليست مجرد خطوة بروتوكولية، بل صفعة دبلوماسية صريحة في وجه خطاب “عدم الانحياز” الذي ترفعه الجزائر، والتي لطالما اعتبرت مالي ساحة جيوسياسية طبيعية لنفوذها التاريخي، حيث الوقائع تشير إلى أن موسكو لم تنتظر موافقة الجزائر لترسم مسارات جديدة لتحالفاتها في الساحل الإفريقي، بل مضت في سياسة احتضان الخصوم التقليديين للجزائر الواحد تلو الآخر.

FB_IMG_1750903218623-300x200 الكرملين يمد السجاد الأحمر لغويتا والغياب الجزائري يثير التساؤلات

من إثيوبيا إلى الإمارات، مرورا بخليفة حفتر في ليبيا، ووصولا إلى بوركينا فاسو ومالي، وتتسع رقعة الشركاء الأفارقة الذين تتعامل معهم روسيا بمنطق المصالح الواقعية، بعيدا عن حسابات “الشرعية” و”الانقلابات” التي كثيرا ما تتشبث بها الجزائر في مواقفها الرسمية، حيث في المقابل، يلاحظ مراقبون أن الجزائر منشغلة بخطابها الكلاسيكي عن رفض التطبيع، ومراقبة تحركات خصومها الإقليميين، والتذكير بعلاقاتها التاريخية مع موسكو منذ عهد الاتحاد السوفييتي.

ولكن في عالم السياسة الدولية، لا يكافأ الحليف القديم إن لم يكن حاضرا وفاعلا في اللحظة الراهنة، وموسكو كما يبدو، باتت تتعامل مع الجزائر كصديق كثير الكلام، قليل الفعل، بحيث تكتفي الجزائر اليوم بإصدار بيانات حول “المبادئ”، بينما يتم توقيع الاتفاقيات الفعلية في الكرملين مع خصومها المباشرين.

وهذا التحول يطرح سؤالا وجوديا حول السياسة الخارجية الجزائرية، وهو هل لا تزال فعالة في التأثير داخل محيطها الإقليمي؟ وهل خطاب “عدم الانحياز” كاف للبقاء في لعبة المصالح الكبرى؟ فبينما تنسج روسيا تحالفات براغماتية تقوم على النفوذ والأوراق الجيوسياسية، يبدو أن الجزائر أرسلت رسائلها الدبلوماسية عبر “البريد البطيء”، لتصل متأخرة أو لا تصل على الإطلاق.

إن السياسة كما يقول المثل الروسي، لا تعترف بالنوايا، بل بالأفعال، ويبدو أن الكرملين لم يعد ينتظر الجزائر.

إرسال التعليق