المغرب يخلد الذكرى 56 لاسترجاع سيدي إفني “ملحمة وطنية في مسار استكمال الوحدة الترابية”

آخر الأخبار

المغرب يخلد الذكرى 56 لاسترجاع سيدي إفني “ملحمة وطنية في مسار استكمال الوحدة الترابية”

رصد المغرب / أحمد خيا


يخلد الشعب المغربي اليوم الإثنين، الذكرى السادسة والخمسين لاسترجاع مدينة سيدي إفني، محطة بارزة في مسار استكمال استقلال الوطن وتحقيق وحدته الترابية، حيث في 30 يونيو 1969، تحقق انتصار جديد في ملحمة التحرير بطرد آخر جندي أجنبي من سيدي إفني، المدينة التي شكلت رمزا لمقاومة الاحتلال الإسباني، وشاهدا على تضحيات المغاربة في سبيل الحرية والسيادة.

وتأتي هذه المناسبة تخليدا للبطولات التي سطرها أبناء قبائل آيت باعمران، الذين أبانوا عن شجاعة نادرة وإصرار كبير على التصدي لمخططات التوسع الاستعماري، حيث خاضوا معارك ضارية دفاعا عن الأرض والعقيدة والانتماء الوطني، بحيث كانت تلك الربوع مسرحا لملاحم بطولية، أبرزها معارك “تبلكوكت”، و”بورصاص”، و”تيغزة”، و”سيدي إفني”، والتي كبدت قوات الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

ولم يكن استرجاع سيدي إفني حدثا معزولا، بل جزءا من مسار وطني انطلق مع ثورة الملك والشعب، مرورا بجيش التحرير في الجنوب سنة 1956، واسترجاع طرفاية سنة 1958، ليتوج بتحرير المدينة سنة 1969، ثم بالمسيرة الخضراء سنة 1975 التي أعادت الصحراء المغربية إلى حضن الوطن.

وقد لعبت سيدي إفني أدوارا طلائعية خلال فترة المقاومة، حيث شكلت قاعدة خلفية للمجاهدين ومنطلقا للعمليات الفدائية، ومركزا لتدريب وتأطير رجال المقاومة الذين لبوا نداء الوطن وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيله.

وفي سياق هذه الذكرى الخالدة، تستحضر المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير المسار الكفاحي الطويل ضد الاستعمار، مؤكدة أن روح الوطنية والصمود ما تزال متقدة في نفوس أبناء الوطن، وأن التضحيات لم تذهب سدى، بل أرست أسس الدولة المغربية الحديثة.

وقد ذكرت المندوبية بخطاب الملك الراحل الحسن الثاني خلال زيارته لسيدي إفني سنة 1972، والذي عبر فيه عن اعتزازه بهذه الأرض المجاهدة، قائلاً: “أبلغ سكان المغرب قاطبة افتخاري واعتزازي وحمدي لله… لكونه أنعم علي بأن أكون ثاني الفاتحين لهذه البقعة”.

واليوم تواصل الدولة المغربية بقيادة الملك محمد السادس تعزيز التنمية الشاملة في الأقاليم الجنوبية، من خلال مشاريع استراتيجية تروم جعل هذه المناطق أقطابا اقتصادية متقدمة، حيث يعد ورش الجهوية المتقدمة نموذجا لهذا الطموح، باعتباره رؤية ملكية تهدف إلى تمكين الأقاليم الصحراوية من تدبير شؤونها بكفاءة، وتحويلها إلى صلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.

وتؤكد المندوبية السامية أن تخليد هذه الذكرى هو وقفة تأمل واستلهام لقيم الوطنية والتعبئة والتجند، وتأكيد على تماسك المغاربة حول وحدتهم الترابية، وكذلك شددت على استعداد أسرة المقاومة وجيش التحرير لمواصلة الدفاع عن السيادة الوطنية والتصدي لكل المناورات الرامية إلى المس بها.

وبمناسبة الذكرى، سيتم تنظيم مهرجانات خطابية ولقاءات تواصلية في مختلف فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة بالمملكة، تكريما لرجالات التحرير وتوزيعا لإعانات اجتماعية على ذويهم، تأكيدا على الوفاء والعرفان لتضحياتهم الخالدة.

إن ذكرى استرجاع سيدي إفني ليست مجرد احتفاء بحدث تاريخي، بل محطة لترسيخ الوعي الوطني وتعزيز الانخراط الجماعي في بناء مغرب موحد، قوي، ومزدهر.

إرسال التعليق