الهجرة غير النظامية من جنوب الصحراء: بين الحق في العبور وتحديات الأمن والاستقرار بالمغرب

الهجرة غير النظامية من جنوب الصحراء: بين الحق في العبور وتحديات الأمن والاستقرار بالمغرب
رصد المغرب
شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة تحولًا نوعيًا في ظاهرة الهجرة غير النظامية القادمة من دول إفريقيا جنوب الصحراء، إذ لم يعد يُنظر إلى المملكة كمجرد بلد عبور نحو “الحلم الأوروبي”، بل أصبحت وجهة استقرار دائم لآلاف المهاجرين. هذا التحول فرض على الدولة والمجتمع المغربي تحديات جديدة، ليس فقط على مستوى الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، ولكن أيضًا في ما يخص الأمن والنظام العام.
رغم أن جزءًا كبيرًا من هؤلاء المهاجرين يعيشون في وضع هشّ، ويعانون من ظروف صعبة تدفعهم أحيانًا إلى التسول أو العمل غير المهيكل، إلا أن بروز فئة محدودة منهم تتورط في أعمال إجرامية (من سرقة، عنف، استغلال الفوضى في بعض الأحياء)، بدأ يثير مخاوف متزايدة لدى المواطنين المغاربة، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، فاس، طنجة، وجدة.
في الأسابيع الأخيرة، شهدت بعض الأحياء الشعبية مواجهات عنيفة شارك فيها مهاجرون أفارقة، كما تم تسجيل حالات اعتداء بالسلاح الأبيض وسرقة موثقة في فيديوهات تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، ما أجج مشاعر القلق والاحتقان الشعبي
الواقع المؤلم: حالات إجرامية لبعض المهاجرين الأفارقة بالمغرب
1. اعتداء بالسلاح الأبيض على ناشطة حقوقية في آيت عميرة
في صباح 7 يوليو 2025، اعترض مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء طريق عضوة بارزة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجماعة آيت عميرة (إقليم اشتوكة آيت باها)، وهجم عليها بسلاح أبيض، ما تسبب في جرح غائر بـ9 غرز وسرقة حقيبتها وهاتفها ومبلغ مالي، قبل أن يلوذ بالفرار
. أثار هذا الحادث موجة غضب في صفوف الساكنة التي طالبت بترحيل المهاجر والتدخل الأمني العاجل.
2. فوضى في الطرامواي بالدار البيضاء
في 3 يوليو 2025، ظهر شريط فيديو يُظهر مهاجرًا من دول إفريقيا جنوب الصحراء يعترض طريق الترامواي وهو عارٍ تمامًا، ما أدى إلى تعطيل حركة السير وإثارة الذعر بين الركاب قبل توقيفه من قبل الشرطة، وإحالته للتحقيق لمعرفة وضعه.
إن التحذير من الوضع لا يعني تبني خطاب عنصري أو كراهية، فالمجتمع المغربي معروف تاريخيًا بتسامحه وتضامنه مع الشعوب الإفريقية، وكان دومًا مناصرًا لقضايا التحرر في القارة. لكن ما يقع اليوم من فوضى في تدبير الهجرة وغياب استراتيجية أمنية واجتماعية ناجعة يجعل البلاد عرضة لاختراقات أمنية أو حتى استغلال بعض هؤلاء الشباب من قبل جهات خارجية أو شبكات تهريب أو جماعات متطرفة، خصوصًا في ظل غياب الرقابة الصارمة على الحدود أو على أنشطة بعض المقيمين غير النظاميين.
وهنا تبرز الحاجة إلى:
إعادة تقييم السياسة الوطنية للهجرة، بالتمييز بين طالبي اللجوء، والباحثين عن الاستقرار، والعناصر التي تمثل خطرًا على الأمن العام.
تعزيز المراقبة الأمنية وتطبيق القانون بشكل صارم على كل من ثبت تورطه في جرائم، بغض النظر عن جنسيته أو وضعه القانوني.
توعية المواطنين المغاربة بعدم الانجرار وراء حملات الكراهية أو التعميم، ورفض ربط الجريمة بلون البشرة أو الانتماء العرقي.
دعم مشاريع الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للفئة القابلة للتأهيل، بما يحد من الانزلاق نحو العنف أو العيش في الهامش.
إن المغرب، كبلد محوري في إفريقيا، مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على توازنه الداخلي، في ظل تحديات إقليمية ودولية معقدة. ويبقى التعامل مع ملف المهاجرين الأفارقة مسؤولية جماعية تتطلب حكمة الدولة، ويقظة المواطن، وإنصاف القانون.
إرسال التعليق