انهيار دبلوماسية “القوة الضاربة” و زلازل متتالية تهز تمثيل الجزائر الخارجي

آخر الأخبار

انهيار دبلوماسية “القوة الضاربة” و زلازل متتالية تهز تمثيل الجزائر الخارجي

رصد المغرب /

في سابقة توصف بأنها من الأعنف في تاريخ الدبلوماسية الجزائرية، تم حتى لحظة كتابة هذه السطور، إعفاء ما لا يقل عن 38 دبلوماسيا جزائريا من مهامهم، من بينهم عدد من السفراء والقناصلة المنتشرين في عواصم ومدن كبرى حول العالم، وقد شملت هذه الحركة المفاجئة والقوية إنهاء مهام قناصلة عامين في مدن ذات ثقل استراتيجي وسياسي مثل مرسيليا، إسطنبول، ستراسبورغ، ميلانو، باريس، برشلونة، بيزانسون، أغاديز، ونواذيبو.

ورغم أن وزارة الخارجية الجزائرية لم تصدر بيانا رسميا شاملا يوضح الأسباب الكاملة وراء هذه الإقالات، فإن مصادر إعلامية محلية ودولية ألمحت إلى أن بعض هذه الإعفاءات ترتبط بقضايا فساد إداري ومالي، وأخرى نتيجة إخفاقات جسيمة في الأداء الدبلوماسي أو البروتوكولي، بالإضافة إلى ما يوصف بإعادة هيكلة تمثيل الجزائر الخارجي في ظل مرحلة سياسية داخلية مضطربة.

كل ذلك يشير إلى أن دبلوماسية “القوة الضاربة” تنهار، فلطالما تغنت السلطة في الجزائر، وتحديدا القيادة العسكرية التي تتحكم عمليا في مفاصل الدولة، بما سمته “دبلوماسية القوة الضاربة”، معتبرة أن شبكة سفرائها وقناصلها تمثل امتدادا لنفوذ الجزائر في العالم، وسلاحا مكمّلا لقوة الجيش داخليا، إلا أن ما نشهده اليوم من تهاو سريع في البنية الدبلوماسية، يكشف عن واقع مغاير تماما، حيث الفساد والتسيب والولاءات الشخصية تفوق الكفاءة والمهنية.

20250605_050831-185x300 انهيار دبلوماسية "القوة الضاربة" و زلازل متتالية تهز تمثيل الجزائر الخارجي

ويعد هذا الزلزال الدبلوماسي نتيجة لسياسة الفوة الضاربة، و التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو هل ما يحدث هو عرض لخلل أعمق داخل بنية الدولة الجزائرية؟ أم أنه نتيجة متوقعة لمنظومة تم بناؤها على الولاءات لا الكفاءات؟، فمن الواضح أن سرعة وتواتر الإعفاءات بهذا الشكل المتقارب والعنيف، يشير إلى حالة من التخبط والارتباك على مستوى صنع القرار، وربما صراع أجنحة داخل السلطة نفسها، ما يشير بأن القادم أسوأ؟.

والتحولات المتسارعة في المشهد الدبلوماسي الجزائري ليست سوى جزء من لوحة أوسع من الزلازل السياسية التي تضرب البلاد منذ سنوات، والتي ازدادت حدتها في ظل الفشل في الخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإذا كانت هذه الحركة الأخيرة تهدف إلى “تنظيف” البيت الدبلوماسي، فإن السؤال الأهم هو من ينظف من؟ ومن يضمن أن القادم ليس أسوأ؟

في انتظار المزيد من التفاصيل والمعطيات الرسمية، يبقى المؤكد أن دبلوماسية الجزائر، التي كانت تُقدَّم كذراع قوي في السياسات الإقليمية والدولية، تشهد اليوم إحدى أعقد وأعمق أزماتها.

إرسال التعليق