
بوريطة ومودافادي يشرفان على تدشين سفارة جمهورية كينيا بالرباط “خطوة جديدة في مسار تطبيع العلاقات المغربية الكينية”
رصد المغرب /
في تطور دبلوماسي لافت، أشرف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، رفقة نائب الرئيس ووزير الخارجية الكيني موسى مودافادي، على تدشين سفارة جمهورية كينيا بالعاصمة المغربية الرباط، في خطوة تعكس إرادة سياسية مشتركة لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين بعد سنوات من الفتور.
ويأتي هذا الحدث في سياق تحولات إقليمية ودولية عميقة، يحمل دلالات رمزية قوية، لاسيما بالنظر إلى التاريخ السياسي للعلاقات بين الرباط ونيروبي، فقد كانت كينيا لعقود طويلة، تعد من أبرز الداعمين لأطروحات معاكسة للوحدة الترابية للمملكة المغربية، وارتبط موقفها الرسمي بمساندة جبهة “البوليساريو”، وهو ما ساهم في توتر العلاقات الثنائية، رغم الروابط الاقتصادية والإفريقية التي تجمع البلدين.
و تغير المواقف من التحفظ إلى التقارب المغربي الكيني لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة مسار دبلوماسي طويل قاده المغرب في إطار انفتاحه على العمق الإفريقي، خصوصا بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2016 حيث انتهجت الرباط سياسة براغماتية تستند إلى التعاون الاقتصادي والدعم التنموي كأدوات لتعزيز الحضور المغربي في القارة السمراء.
و كينيا التي استفادت على مدى عقود من موارد الغاز الطبيعي الجزائري على شكل قروض مسهلة أو مساعدات مالية، وصفت أحيانا بأنها تتلقى دعما مشروطا لتبني مواقف معادية للوحدة الترابية للمغرب، غير أن التحولات السياسية في نيروبي، والرهانات الجديدة للتنمية والاستثمار، دفعت بالقيادة الكينية إلى مراجعة مواقفها، وهو ما ترجم في السنوات الأخيرة بسحب الاعتراف بـ”الجمهورية الصحراوية” وتأكيد دعم وحدة المغرب الترابية.
ودلالات تدشين السفارة الكينية بالرباط لا يمثل فقط ترجمة للعلاقات الدبلوماسية الرسمية، بل يحمل في طياته إشارات قوية إلى طي صفحة التوتر السياسي، وفتح آفاق تعاون أوسع في مجالات عدة، تشمل الاقتصاد والأمن والتعليم والتبادل الثقافي.
وهذه الخطوة تعزز أيضا مسعى المغرب في بناء شراكات استراتيجية داخل القارة الإفريقية، قائمة على أساس المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، بعيدا عن الاستقطاب الإيديولوجي أو التبعية التاريخية لبعض العواصم الإفريقية لنفوذ الأنظمة العسكرية أو الريعية.
والرهانات المقبلة أمام الرباط ونيروبي تتمثل في تحويل هذا الانفراج الدبلوماسي إلى تعاون ملموس يخدم مصالح الشعبين ويعزز وحدة القارة الإفريقية، حيث بعد خمسين عاما من التوجس وسوء الفهم، آن الأوان لبناء علاقة جديدة، أساسها الشراكة لا الإملاء، والتنمية لا التوظيف السياسي.
إرسال التعليق