تحليل صادر عن صحيفة وول ستريت جورنال

آخر الأخبار

تحليل صادر عن صحيفة وول ستريت جورنال

رصد المغرب / منهاتن . نيويورك

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تحليلا سياسيا يسلط الضوء على الأداء الخارجي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض عام 2025، ووفقا لما ورد في المقال، فقد دخل ترامب ولايته الثانية وسط وعود كبرى بإعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، غير أن الواقع كشف عجزا واضحا عن تحويل تلك الوعود إلى إنجازات ملموسة، والتقرير يؤكد أن ترامب، بدلا من أن يكون صانع سياسة مؤثر، تحول إلى “ظاهرة صوتية” تطلق التصريحات النارية دون أثر فعلي على الأرض، و يستعرض المقال مظاهر هذا الإخفاق في أبرز الملفات الدولية: روسيا والصين وإيران.

1. روسيا: بات جليا الإخفاق في إدارة أزمة أوكرانيا، وفي السياق العام، فإن الحرب الروسية-الأوكرانية، التي اندلعت في عام 2022، شكلت تحديا استراتيجيا حادا للإدارة الأمريكية، حيث دعمت إدارة بايدن أوكرانيا بقوة، مما ساعدها على الصمود في وجه الغزو الروسي.

وفي الخطاب التبسيطي، وعد ترامب خلال حملته، بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة عبر “علاقته الشخصية” بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فكانت النتائج العملية، هي فشلت محاولاته في الضغط على أوكرانيا لقبول تسوية تتضمن تنازلات إقليمية، واستمرت روسيا في التصعيد العسكري، مدعومة بتحالف متين مع الصين وإيران، فقد أدت تصريحاته المتضاربة بشأن دعم الناتو إلى زعزعة ثقة الحلفاء الأوروبيين.

ويأتي في التحليل، أنه في ظل غياب أدوات فعالة وتنسيق دولي جاد، لم يكن لخطاب ترامب أي أثر يذكر على مجريات الحرب، بل عمق الانقسامات داخل الغرب.

2. الصين: هناك تصعيد اقتصادي بلا استراتيجية واضحة، ففي المواجهة التجارية أعاد ترامب فرض رسوم جمركية مشددة على الواردات الصينية، ما دفع بكين إلى اتخاذ إجراءات مضادة أضرت بالاقتصاد الأمريكي، وفي المقابل ووسط الفراغ الجيوسياسي، واصلت الصين تعزيز حضورها الاستراتيجي في آسيا، وتوسيع مبادرة الحزام والطريق، وسط انكفاء أمريكي واضح، لأن هناك أيضا قصور في الملف التكنولوجي، والذي لم تتم بلورة رؤية متكاملة لتعزيز التفوق الأمريكي في هذا المجال، رغم التصعيد الخطابي تجاه شركات التكنولوجيا الصينية.

3. إيران: حيث هناك تصعيد دون نتائج استراتيجية، مما يوضح فشل سياسة “الضغط الأقصى”، فلم تسفر العقوبات المشددة عن تراجع فعلي في البرنامج النووي الإيراني، بل ساهمت في تعزيز نفوذ التيار المتشدد داخل النظام، بل أسفر عن انعكاسات إقليمية، وهي ازدياد التوتر في الشرق الأوسط، وسط تراجع ثقة الحلفاء الخليجيين—خصوصا السعودية والإمارات—في التزام واشنطن بأمن المنطقة، والأهم هو القراءة الاستراتيجية، وهي واضحة في سياسة ترامب تجاه إيران التي اتسمت بالتذبذب وغياب الرؤية، وهو ما أضعف الدور الأمريكي في المعادلة الإقليمية.

والسؤال المطروح هو لماذا تحوّل ترامب إلى “ظاهرة صوتية”؟، وهنا الجواب بسيط وواضح من خلال الخطاب المبالغ فيه، فقد لجأ إلى شعارات شعبوية مثل “هزائم الخصوم خلال أيام”، دون أن يترجمها إلى وقائع، وهناك فكرة الإعلام بدل المؤسسات، والتي اعتمدها بشكل مفرط على تويتر ومنصات الإعلام، عوضا عن القنوات الدبلوماسية الرسمية، وهناك تهميش الخبرات، كل من الأجهزة والمؤسسات المختصة، معتمدا على دائرة ضيقة من الموالين، كذلك العشوائية في القرار، لأن سياساته الخارجية افتقرت إلى الاتساق والتخطيط بعيد المدى، وأخيرا غياب الوعي بالتحولات العالمية، فقد تجاهل صعود القوى المنافسة وتغير موازين القوة عالميا.

كل تلك السياسات التي نهجها ترامب أسفرت عن نتائج وتداعيات، منها تراجع المصداقية الأمريكية، وهو ما تسبب في التناقض بين الخطاب والممارسة في إضعاف صورة الولايات المتحدة كقوة موثوقة، وهناك اهتزاز في التحالفات التي ارتبكت من تبدل السياسات الأمريكية، ما أدى إلى تآكل الشراكات التقليدية، أيضا صعود المنافسين، فقد استغلت كل من روسيا والصين وإيران هذا الارتباك لتوسيع نفوذها وتعزيز مواقعها الاستراتيجية.

هذا الكم في الفشل السياسي لترامب، نتج عنه دروس من الإخفاق، حيث يخلص تحليل وول ستريت جورنال إلى أن أداء ترامب في السياسة الخارجية يمثل درسا حول حدود الشعارات حين تفصل عن المؤسسات والرؤية الاستراتيجية، فقد أثبتت الملفات الكبرى، وعلى رأسها أوكرانيا، أن العلاقات الشخصية لا يمكن أن تحل مكان التحليل المعمق والسياسات المدروسة، وإذا أرادت الولايات المتحدة استعادة دورها القيادي، فعليها أن تعيد الاعتبار إلى العمل المؤسسي والدبلوماسية الحقيقية، بعيدا عن وهم “الرئيس القادر على حل كل شيء بصوت مرتفع”.

إرسال التعليق