تصريح الوزير وهبي بشأن القضاة المتقاعدين يشعل الجدل في الأوساط القضائية والقانونية

آخر الأخبار

تصريح الوزير وهبي بشأن القضاة المتقاعدين يشعل الجدل في الأوساط القضائية والقانونية

رصدالمغرب / عبدالله السعدي


أثار وزير العدل عبد اللطيف وهبي موجة واسعة من الجدل والانتقادات، عقب تصريحه الأخير الذي قال فيه إنه “لا مكان للقاضي المتقاعد في مهنة المحاماة”، في إشارة صريحة إلى رفضه السماح بعودة القضاة المتقاعدين إلى ممارسة المحاماة، حتى بعد إنهاء خدمتهم القضائية، حيث خلف هذا التصريح صدمة قوية في أوساط القضاة والمحامين، وفتح نقاشا حادا حول الحدود بين الاستقلال المؤسساتي والحقوق الفردية.

إن تصريح الوزير الذي جاء خلال لقاء عمومي، وصفه عدد من المهنيين بأنه “إقصائي” و”مهين” لشريحة من خيرة أطر العدالة، معتبرين أن فيه استخفافا بتجربة قضائية تمتد لعقود من الزمن، ويعكس رؤية ضيقة لدور القاضي بعد تقاعده.

ومن جهة أخرى، اعتبر بعض المدافعين عن موقف الوزير أن هذه الرؤية تندرج في إطار “تنقية المجال المهني”، وضمان التوازن بين السلطات القضائية والمهنية، دون أن يؤدي ذلك إلى تضارب محتمل في المصالح أو إلى استغلال النفوذ السابق في المجال القضائي.

ونادي قضاة المغرب عبر في بيان له، عن “أسفه العميق لهذا التصريح غير المسؤول”، مشيرا إلى أن القضاة، بعد تقاعدهم، لا يفقدون حقوقهم المدنية والمهنية، ولا يمكن تجريدهم من حق ممارسة المحاماة بناءا على خلفيتهم المهنية، حيث أضاف البيان أن “حرمان القاضي المتقاعد من هذا المسار هو بمثابة عقوبة غير مبررة، تنتهك مبدأ المساواة وتتناقض مع روح الدستور”.

كما دخلت نقابة المحامين على الخط، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد لفتح المجال أمام القضاة المتقاعدين بالنظر لخبرتهم القانونية، وبين رافض يرى أن ذلك قد يؤثر على فرص الشباب في الولوج إلى المهنة.

ومن الناحية القانونية، لا يوجد نص صريح يمنع القضاة المتقاعدين من ممارسة المحاماة، ما لم يكن هناك تضارب مصالح أو شروط زمنية معينة، حيث يذكر العديد من الفاعلين القانونيين أن عددا من الدول الديمقراطية تجيز هذا الانتقال، مع فرض فترات انتظار أو ضوابط أخلاقية تضمن النزاهة والاستقلال.

ويرى أستاذ القانون الدستوري، الدكتور محمد الناصري، أن “مثل هذا التصريح لا يجب أن يصدر من وزير مسؤول عن العدالة، لأنه يظهر توجها شخصيا أكثر مما يعكس موقفا مؤسساتيا”، مشيرا إلى أن “أي تعديل في شروط الولوج إلى المهنة يجب أن يتم عبر القنوات التشريعية وبتشاور موسع مع الجهات المعنية”.

وفي وقت تسعى فيه الدولة إلى تعزيز استقلالية القضاء وتكريس مبادئ دولة القانون، يفترض أن يكون الخطاب الرسمي حذرا ومتوازنا، لا أن يغذي التوتر بين مكونات العدالة، فمكانة القاضي سواء أثناء الخدمة أو بعدها، تستوجب الاحترام، لا الإقصاء، والحوار المؤسساتي يبقى السبيل الأجدى لحسم الخلافات دون صدامات إعلامية.

إرسال التعليق