
تعزيز رقمي وتشريعي يقود تحوّلا في أداء المديرية العامة للضرائب
رصد المغرب / الرباط
تواصل المديرية العامة للضرائب خطواتها الحثيثة نحو تحول هيكلي عميق، يتجسد في تعزيز غير مسبوق لعمليات التدقيق الضريبي، سواء من خلال الزيارات الميدانية أو عبر تحليل البيانات، حيث كشف تقرير حديث نشرته صحيفة “ليزانسبيراسيون إيكو” أن الإدارة أجرت خلال عام 2024 نحو 7674 عملية تدقيق ميداني، مسجلة ارتفاعا بنسبة 32% مقارنة بالعام السابق، كما قامت بفحص 60831 ملفا مستنديا، بزيادة قدرها 9%.
وقد أسفرت هذه العمليات عن إيرادات ضريبية فاقت 14.8 مليار درهم، بفضل مساهمة التفتيش الميداني على وجه الخصوص، الذي استرجع ما يزيد عن 9.6 مليار درهم، أي بزيادة لافتة بلغت 66% مقارنة بسنة 2023.
ويعزى هذا الأداء المتميز إلى عاملين رئيسيين، هما التطوير التكنولوجي المتواصل الذي توج بتعزيز وحدة نظم المعلومات الضريبية (SIT) والاستغلال المتقدم للبيانات الضريبية والمالية، و التعديل التشريعي الوارد ضمن قانون المالية لسنة 2024، الذي وسّع نطاق عمليات التدقيق لتشمل الوضعية الضريبية الشاملة للأفراد، ما سمح بتوسيع قاعدة الخاضعين للرقابة.
وفي هذا السياق، شهدت نسبة الملفات التي تخص الأفراد في عمليات التفتيش الميداني ارتفاعا حادا، لتبلغ 47% بعد أن كانت لا تتجاوز 19% في السنة السابقة، كما أصبحت عمليات الفحص العام، والتي التي تشمل الجوانب الضريبية المختلفة، تشكل الآن 82% من إجمالي الضوابط، ما يعكس نهجا رقابيا أكثر شمولا.
وعلى الرغم من ارتفاع عدد الملفات التي تمت معالجتها عبر الفحص المستندي، إلا أن العائدات المتأتية منها سجلت تراجعا طفيفا بنسبة 4%، لتبلغ 5.3 مليار درهم، حيث سجلت الشركات الصغيرة والمتوسطة، المصنفة ضمن “الجهات القانونية الأخرى”، نموا في مساهماتها بنسبة 12% (2.3 مليار درهم)، في حين تراجعت مساهمات الشركات الكبرى بنسبة 22% (1.6 مليار درهم)، رغم ارتفاع عدد القضايا المعالجة.
وفي المقابل، حافظت إيرادات الأفراد على استقرارها عند 1.38 مليار درهم، مما يعكس، ربما، فعالية الضوابط الجديدة أو تحسن الامتثال الطوعي.
وشهد عام 2024 إطلاق مشروعين تقنيين بارزين، الأول تمثل في إنشاء “قاعدة بيانات” تتيح تجميع وربط البيانات من مصادر داخلية وخارجية، والثاني في إطلاق الفوترة الإلكترونية بشكل تدريجي، ما يهدف إلى تحسين رصد المخاطر وتعزيز فعالية الاستهداف وتبسيط مهام الرقابة.
ويرتقب أن تمكن هذه الأدوات الجديدة من الربط الذكي بين البيانات الضريبية والمالية والاجتماعية، عبر دمج تقنيات علم البيانات في التدبير الضريبي، وهو ما يمثل نقلة نوعية في أساليب العمل، رغم ما قد يثيره ذلك من تحفظات، خاصة لدى صغار دافعي الضرائب الذين قد يرون في هذه التحركات انتهاكا لخصوصيتهم أو زيادة في الرقابة.
وعلى صعيد الضرائب العقارية، ارتفعت إيرادات ضريبة الدخل على أرباح الأراضي (IR/PF) بنسبة 9% لتبلغ 2.1 مليار درهم، مشكلة بذلك 73% من إجمالي مداخيل القطاع، حيث في المقابل، تراجعت إيرادات رسوم التسجيل والطوابع بنسبة 8% لتصل إلى 779 مليون درهم، مما يعكس تركيزا استراتيجيا على المداخيل ذات الطبيعة الرأسمالية باعتبارها أكثر ربحية من المعاملات التجارية الاعتيادية.
وتعكس هذه الأرقام والمؤشرات مسارا إصلاحيا عميقا للمنظومة الضريبية الوطنية، قائما على الرقمنة والبيانات والتشريع، في سبيل تحسين الأداء المالي وتعزيز الشفافية والامتثال الطوعي، حيث مع استمرار هذا الزخم، يبقى التحدي الأساسي في ضمان التوازن بين فعالية الرقابة واحترام خصوصية المكلفين، خاصة من الفئات الهشة والوسطى.
إرسال التعليق