
تفويض خامنئي صلاحياته للحرس الثوري يشير إلى ملامح التحول نحو الحكم العسكري الديني في إيران
رصد المغرب / سالم الطنجاوي
في تطور لافت قد يشكل نقطة تحول في بنية السلطة الإيرانية، أفادت تقارير بأن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، قد فوض كامل صلاحياته إلى المجلس الأعلى للحرس الثوري الإيراني، حيث هذا القرار الذي لم يصدر بشكل رسمي علني حتى الآن، يعكس تغيرا استراتيجيا عميقا في أسلوب الحكم ويطرح تساؤلات حيوية حول مستقبل النظام الإيراني بعد خامنئي.
وتفويض صلاحيات المرشد الأعلى – وهو أعلى سلطة سياسية ودينية في البلاد – يعني من الناحية العملية انتقال مركز الثقل السياسي إلى المؤسسة العسكرية-الأمنية الأهم في إيران، أي الحرس الثوري حيث في حال صحت المعلومات، فإن هذه الخطوة تمثل تفويضا شبه مطلق يسمح للحرس باتخاذ قرارات مفصلية داخلية وخارجية دون الحاجة للرجوع إلى المرشد.
وما يثير الانتباه في هذا السياق ليس فقط حجم الصلاحيات المفوضة، بل طبيعة الجهة المفوض إليها، لأن الحرس الثوري ليس جهازا عسكريا تقليديا، بل هو كيان عقائدي له نفوذ واسع في السياسة والاقتصاد والإعلام، إضافة إلى سيطرته على أذرع خارجية كـ”فيلق القدس”.
ومن ملامح مرحلة ما بعد خامنئي، فإن التوقيت والسياق السياسي يشيران إلى أن هذه الخطوة تمهد لمرحلة ما بعد خامنئي، الذي يبلغ من العمر 85 عاما ويعاني من مشاكل صحية مزمنة بحسب تقارير مختلفة، حيث في ظل غياب آلية شفافة لانتقال السلطة، يبدو أن الحرس الثوري يهيئ ليكون الحارس الفعلي للنظام بعد غياب المرشد، وربما الحاكم غير المعلن.
والتفويض الحالي يعزز من فرضية أن إيران تتجه نحو نموذج حكم عسكري مغلف بعباءة دينية، تكون فيه المؤسسة الأمنية-العقائدية هي القابضة على مفاصل الدولة، بينما يبقي الغطاء الديني الشكل العام للنظام كجمهورية إسلامية.
وأيضا هذا التحول لا يقتصر تأثيره على الداخل الإيراني فقط، بل يحمل تداعيات مباشرة على الإقليم بأسره، حيث تعاظم نفوذ الحرس الثوري قد يعني سياسة خارجية أكثر تصلبا وتدخلا في ساحات النفوذ التقليدية لطهران (العراق، سوريا، لبنان، اليمن)، مما يزيد من احتمالات التصعيد مع الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج.
ومن ناحية أخرى، فإن سيطرة الحرس على القرار السياسي قد تعقد أية محاولات دبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي، أو للتقارب مع الغرب، حيث يعتبر الحرس هذه المسارات تهديدا لعقيدته الأمنية والإيديولوجية.
وعلى ما يبدو أن إيران قد دخلت بالفعل مرحلة “دولة الحرس”، حيث لم يعد الحرس الثوري مجرد أداة بيد المرشد، بل فاعلا أساسيا وربما مقررا أوحد في مستقبل البلاد. وإذا ما استمر هذا المسار، فإن شكل الدولة الإيرانية سيشهد تغيراً جذرياً: من “ولاية الفقيه” إلى “ولاية البندقية”، في مزيج غير مسبوق من الثيوقراطية والعسكرة.
إرسال التعليق