
توتر مالي-الجزائر هي ملامح صراع جيوسياسي جديد في الساحل
رصدالمغرب / عبدالحميدالإدريسي
تعيش منطقة الساحل حالة من الترقب والتوتر المتصاعد، في ظل ما يشبه ملامح “حرب باردة” جديدة بدأت تتشكل بين مالي والجزائر، إثر حادثة إسقاط طائرة مسيرة مالية قرب الحدود بين البلدين، حيث الحادثة كانت بمثابة شرارة فجرت أزمة دبلوماسية بين الجارتين، وعرت ما يبدو أنه انقسام جيوسياسي آخذ في الاتساع داخل الإقليم.
والاتهامات المتبادلة بين باماكو والجزائر بتجاوز الخطوط الحمراء والتدخل في الشؤون الداخلية، كشفت عن تصدع في العلاقات الإقليمية، في وقت تشهد فيه منطقة الساحل تحولات استراتيجية كبرى. حيث بدأت مالي بتعزيز تموضعها ضمن تكتل دول الساحل الجديد، في حين تواجه الجزائر تحديات متزايدة، لا سيما بعد إدراجها مؤخرا على القائمة السوداء للمفوضية الأوروبية، ما ألقى بظلال سلبية على مكانتها الدولية.
وفي ظل هذا التصعيد، تلتزم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) الصمت، بينما برزت منظمة التعاون الإسلامي كمنصة بديلة، تعبر من خلالها عن التوترات المتصاعدة والمواقف المتضاربة.
وكل هذه التطورات تطرح سؤالا مركزيا، وهو من المستفيد من تفكيك التوازن في مالي؟، وهل ثمة جهات تدفع نحو تأزيم الوضع الإقليمي خدمة لأجندات أوسع من النزاع الحدودي؟.
والتحولات الجارية في منطقة الساحل تحتم ضرورة فتح قنوات دبلوماسية فاعلة، وإعادة بناء الثقة بين الدول المعنية، لتجنب انزلاق المنطقة نحو صراعات مفتوحة قد تخلط الأوراق وتهدد استقرار القارة بأكملها، لأن التحدي اليوم لم يعد أمنيا فحسب، بل بات سياسيا واستراتيجيا بامتياز، ويتطلب استجابات مدروسة تعيد الاعتبار للعمل الجماعي وتوازن المصالح بين القوى الفاعلة في الإقليم.
إرسال التعليق