
حادث غامض جنوب الجزائر يسلط الضوء على توتر متصاعد بين وحدات الجيش
رصدالمغرب / عبدالله السعدي
شهدت منطقة جنوب الجزائر، وتحديدا قرب مدينة تمنراست، الأسبوع الماضي حادثا أمنيا مثيرا للجدل بين قوات تابعة للدرك الوطني ووحدة عسكرية مجهولة الهوية، في واقعة تعكس توترا متزايدا داخل المنظومة الأمنية الجزائرية.
وبحسب شهادات من مصادر محلية وأمنية، فقد حاول عناصر من الدرك الوطني إيقاف قافلة عسكرية ليلية، مؤلفة من ثلاث شاحنات مغطاة ومركبات مرافقة، على إحدى الطرق غير الرسمية المتجهة نحو الحدود الجنوبية، حيث القافلة التي كانت مرفقة بجنود، لم تكن تحمل أي تصاريح رسمية، مما أثار شكوك الدرك الذين باشروا إجراءات التفتيش.
لكن محاولة التفتيش لم تسر كما هو معتاد، فبحسب ذات المصادر، رفض أفراد القافلة التعاون بدعوى أنهم “في مهمة سرية”، وهو ما أدى إلى تصاعد التوتر بين الجانبين، وانتهى بتبادل قصير لإطلاق النار، أصيب خلاله عدد من الأفراد، ليتم لاحقا نقل الجرحى بشكل غير علني إلى منشآت طبية في تمنراست وأدرار.
وهذا الحادث الذي لم يصدر بشأنه أي بيان رسمي حتى الآن، يعكس وفق مراقبين شرخا متزايدا بين مختلف القوى الأمنية والعسكرية في الجنوب الجزائري، لاسيما بين الدرك الوطني وبعض الوحدات الخاصة المرتبطة بجهاز المخابرات العسكرية.
ويضيف ذات المصدر في حديث له مع ضابط جزائري سابق يقيم في المنفى، أكد أن الجنوب الجزائري أصبح “منطقة رمادية استراتيجية”، حيث تنشط فيها قنوات إمداد عسكرية وتمويلية موازية، تتجه نحو مناطق النزاع في شمال مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، حيث الضابط السابق أضاف أن بعض الضباط يتمتعون باستقلال شبه كامل بفضل ارتباطاتهم المباشرة بالقيادة العسكرية العليا.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه الشكوك حول طبيعة الدور الجزائري في منطقة الساحل، إذ تشير تقارير استخباراتية غربية إلى احتمال تورط بعض وحدات الجيش في دعم غير مباشر لجماعات مسلحة في شمال مالي، بما في ذلك فصائل طوارقية وانفصالية، وحتى عناصر إرهابية، في سياق صراع نفوذ إقليمي مع القوى الغربية.
وبحسب خبراء فإن مناطق مثل تمنراست وبرج باجي مختار وعين قزام تحولت إلى مفترقات طرق استراتيجية، حيث تتقاطع مصالح متضاربة تشمل الهجرة غير الشرعية والتهريب والاتجار بالسلاح، إلى جانب عمليات عسكرية سرية تنفذ تحت غطاء الأهداف السيادية للدولة.
والحادث الأخير رغم تجاهله رسميا، قد لا يكون الأخير في سلسلة من الاشتباكات الصامتة التي تكشف تدريجيا عن واقع معقد داخل أجهزة الدولة الجزائرية، وتثير تساؤلات حول طبيعة التحولات الجيوسياسية في جنوب الصحراء الكبرى.
إرسال التعليق