
“حزب اليسار الجديد” ولادة بديل سياسي طموح في مغرب يتحول
رصد المغرب / مصطفى شكري
في خضم التحولات السياسية والاجتماعية المتسارعة التي يشهدها المغرب، يستعد حزب سياسي جديد للظهور على الساحة الحزبية، تحت اسم “حزب اليسار الجديد”، حاملا معه مشروعا تقدميا يطمح إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي بمنظور اجتماعي ديمقراطي حديث، يستجيب لتطلعات فئات واسعة من المواطنين، خاصة في ظل ما يعتبره مؤسسوه أزمة تمثيلية تعصف بالأحزاب التقليدية.
ويقدم “حزب اليسار الجديد” نفسه كإطار سياسي بديل يسعى إلى تمثيل اليسار الاجتماعي والطبقات المتوسطة والفقيرة، من خلال الدفاع عن العدالة الاجتماعية والكرامة المساواة وحرية التعبير، حيث يستمد مشروعيته من حاجة المجتمع المغربي، خاصة شبابه، إلى خطاب سياسي جديد يتجاوز الجمود الإيديولوجي ويؤسس لفعل سياسي واقعي جريء ومتجدد.
ويتميز الحزب بتركيبته التعددية، إذ يضم مناضلين سابقين في الحركات اليسارية ونقابيين وحقوقيين، إلى جانب شباب فاعل في الحركات الاجتماعية والتنموية، حيث هذا التنوع يمنح الحزب بعدا توافقيا، يتيح له تجاوز الانقسامات التقليدية داخل اليسار، ويركز على القضايا الحيوية التي تشغل بال المواطن المغربي.
وأيضا يعرف الحزب نفسه كتنظيم اجتماعي ديمقراطي، يؤمن بدور الدولة في ضمان الخدمات العمومية الأساسية، لا سيما التعليم والصحة والنقل، ويضع ضمن أولوياته تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، كما يبرز الحزب التزامه بالنضال السلمي والعمل من داخل المؤسسات، مع رفضه القاطع لكل أشكال التسلط السياسي أو الهيمنة الاقتصادية.
وعلى نحو لافت، يدمج الحزب البعد البيئي في برنامجه السياسي، مؤمنا بأن الأزمة المناخية هي أيضا أزمة طبقية تتضرر منها الفئات الهشة بشكل مضاعف، بحيث يتبنى الحزب مفهوم “العدالة المناخية” كأحد أسس رؤيته الشاملة، ويقترح حلولا تنموية مستدامة تضمن التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة.
وينطلق “حزب اليسار الجديد” من قناعة راسخة بأهمية الممارسة الديمقراطية الداخلية، حيث يعتمد على آليات التناوب القيادي ومبدأ المسؤولية الجماعية، كما صاغ مشروع قانون أساسي متقدم يحترم مقتضيات القانون 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، وينص على الشفافية والمساواة واحترام الحريات الداخلية.
وفي بعده الاستراتيجي، يؤمن الحزب بأهمية العمل الوحدوي مع باقي القوى الديمقراطية، سواء داخل المؤسسات أو في الحركات الاجتماعية، من أجل تشكيل جبهة تقدمية عريضة قادرة على التصدي للمد الشعبوي والنيوليبرالي، وتعزيز الوعي السياسي والمدني للمواطن المغربي.
ومن أبرز أهداف الحزب في المرحلة المقبلة هو إصلاح النظام الضريبي بشكل عادل، والدفاع عن مجانية التعليم والصحة، ودعم الفئات الهشة في العالم القروي، وإصلاح القضاء وضمان استقلاليته، فضلا عن النهوض بثقافة حقوق الإنسان والحريات الفردية.
ورغم التحديات الموضوعية التي تواجه الأحزاب الناشئة في تحقيق اختراق شعبي واسع، فإن مؤسسي الحزب يراهنون على قدرتهم في الإنصات إلى نبض الشارع، والانخراط في قضايا المواطن اليومية، لبناء رصيد من المصداقية والثقة، لتمهيد الطريق وفتح آفاقا جديدة لليسار المغربي.
ويبقى السؤال الأهم هو هل سينجح “حزب اليسار الجديد” في بلورة يسار مغربي جديد يجمع بين الواقعية والجرأة، وبين التعددية والتجدد؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة، لكن المؤكد أن ظهوره يمثل إضافة نوعية للمشهد السياسي، وخطوة نحو تنويع البدائل وتجديد الأمل في العمل الحزبي الديمقراطي.
إرسال التعليق