حكومة تخشى صوت الشعب وتجيد التمويه

آخر الأخبار

حكومة تخشى صوت الشعب وتجيد التمويه

رصد المغرب / عبدالكبير بلفساحي


لقد تعب الشعب المغربي من الشعارات البراقة ومن الوعود التي لا تتحقق، و لم يعد يقبل بأن تدار شؤونه بالمجاملات السياسية وبالتوازنات الحزبية التي تقدم مصلحة الأحزاب على مصلحة الوطن، بل حان الوقت لأن نرى حكومة شجاعة، حكومة تعترف بأخطائها وتواجه الواقع بدل التستر عليه، حكومة تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.

إن الرأي العام اليوم أكثر وعيا من أي وقت مضى، لأن بات يعرف جيدا من يعمل من أجله ومن يسعى إلى استغلاله، ويعرف أن التنمية لا تتحقق بالشعارات بل بالإصلاح الجاد، وأن التغيير لن يأتي ما لم تتحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة أمام الشعب.

فالوطن يحتاج إلى من يؤمن بالشفافية لا إلى من يخشاها، ويحتاج إلى من يسمع نبض الشارع لا إلى من يرتجف منه، والخيار اليوم واضح، وهو إما حكومة تخدم المغرب والمغاربة بصدق، أو حكومة ستظل عالقة في دائرة الأزمات والارتباك، إلى أن يسقط القناع وتنكشف الحقائق كاملة.

لقد سئم المغاربة من التمثيليات المتكررة، ومن الخطابات المنمقة التي تلمع الفشل، وتغلف التناقضات بشعارات وطنية جوفاء، فحكومة اليوم لا تمارس الحكم، بل تمارس الخداع السياسي الممنهج، وإن كانت تظهر أمام الكاميرات كجبهة موحدة، بينما هي في الحقيقة مجموعة متصارعة من المصالح، تجمعهم الكراسي وتفرقهم المبادئ والآراء.

هذه الحكومة لا تحكم بمنطق الدولة، بل بمنطق الغنيمة، فكل حزب داخلها ينظر إلى الوزارات كغنائم حرب، يسيرها كما يشاء، ويوظفها لخدمة أجنداته الضيقة، وأما المواطن الذي وعد بالعدالة الاجتماعية، والكرامة والعيش الكريم، فما يزال يدفع ثمن كل هذا العبث (بطالة، غلاء، خدمات منهارة، ومستقبل غامض).

نتحدث عن حكومة تظهر للملأ الانسجام والتكافل، لكنها في العمق تعاني من شلل داخلي، لأن قراراتها متضاربة، ومواقفها مرتعشة، وردود أفعالها على الأزمات بطيئة، إن لم تكن غائبة تماما، لا وجود لرؤية واضحة، ولا لإرادة سياسية حقيقية، فقط تبادل للاتهامات، ومناورات لإخفاء العجز.

الخطير أن هذه الحكومة لا تكتفي بالفشل، بل تخاف من مواجهة الحقيقة. ترتعد من أصوات المعارضة، وتذعر من صرخات الشارع. كل صيحة احتجاج تعتبر تهديدا، وكل رأي حر يؤخذ على أنه تطاول. إنها سلطة ترتدي قناع المسؤولية لكنها ترتجف من كل صوت حر، لأنها تدرك أنها تقف على أرض رخوة لا تستند إلى الثقة، بل إلى التسويات.

العدو الحقيقي لهذا الوطن ليس في الخارج، بل هو في الداخل، فقد يتجسد في من يدعي أنه يسير الشأن العام والمحلي من أجل الشعب، وهو في الحقيقة يتحصن خلف الامتيازات والمصالح، وهو من يعرقل الإصلاح، ويقتل الأمل، ويغتال ثقة المواطن بذريعة “الاستقرار” الزائف.

نحن أمام حكومة لا تحسن الإصغاء، ولا تملك الشجاعة لتصحيح المسار، ولا حتى الجرأة على الاعتراف بالأخطاء، حكومة تكابر وتناور وتضلل، بينما الوطن ينزف من تحتها، والشعب يئن بصمت.

لقد حان الوقت لكشف الأقنعة، لأن المجاملات لم تعد تجدي، ولا الشعارات تنطلي على أحد، بل نحتاج حكومة تمتلك مشروعا حقيقيا، لا حكومة تخاف من الحساب، لأن المطلوب هو من يخدم المغرب لا من يستغله…

وإن لم تكن هذه الحكومة قادرة على مواجهة الحقيقة، فالكرامة الوطنية تقتضي أن ترحل.!!!..

إرسال التعليق