
حين تغيب الشفافية ويقصى الإعلام فمن يحاسب جماعة سلا؟
رصد المغرب / عبدالكبير بلفساحي
في مشهد بات مألوفا، يمارس أشخاص السلطة دون سند قانوني، ويتحدثون باسم المسؤولين المنتخبين وكأنهم مفوضون شرعا، رغم أن المشرع لم يمنحهم أي صفة تخول لهم ذلك، حيث يعملون تحت إمرة العمدة والمسؤولين الجماعيين، فإن نجحوا نسب الفضل إلى “المجلس”، وإن فشلوا تنكرت لهم الجهات الرسمية وغض الطرف عن خروقاتهم، في استمرار واضح لمنطق الإفلات من المحاسبة.
أمام أنظار مجلس جماعة سلا، وبحضور عمدة المدينة، تمنع وسائل الإعلام من تغطية دورات المجلس، وكأن نقل الحقيقة صار تهديدا، أو كأن ما يناقش داخل القاعة لا يليق أن يطلع عليه الرأي العام، فهل هذا السلوك إلا انعكاس لواقع مجلس لم يسجل له أي إنجاز يذكر طيلة مدة الولاية الحالية؟!
في سلا باتت أبسط القطاعات كقطاع النظافة تعاني من تراجع واضح، حيث الأزبال تغزو الأحياء دون حلول جذرية، والمواطن يدفع الثمن، مرورا بملف المقابر، والذي بلغ حدا لا يطاق، بعدما امتلأت دون أن تبادر الجماعة إلى إيجاد بدائل عملية رغم توفر الحلول، وما زاد الطين بلة، هو غياب أي مبادرة شخصية أو جماعية من العمدة، الذي لم يسبق له أن أبان عن دراية فعلية بالشأن المحلي أو العمومي، وكأن التسيير لا يتجاوز حدود الجلوس على الكراسي وتوزيع الصلاحيات على المقربين.
كيف يعقل أن يدار الشأن العام بعقلية انتخابية ضيقة، حيث لا يهم الأداء بقدر ما تهم الصورة؟ وكيف يعقل أن تقصى الصحافة من أداء دورها الحيوي في الرقابة والنقل، إلا إذا كان في الأمر ما يراد إخفاؤه عن المواطنين؟
إن من يشرفون على تدبير الشأن المحلي بسلا يدركون جيدا أن لا أحد يحاسبهم، ولذلك لا يبدون حرصا على الشفافية ولا جرأة على اتخاذ قرارات حقيقية، بحيث في الحملات الانتخابية، فالحكاية مختلفة، الوعود تمطر والشعارات ترفع، لكنها تتبخر فور الإعلان عن النتائج.
إن تغييب الصحافة عن دورات مجلس جماعة سلا ليس مجرد حادث عرضي، بل هو دليل على نهج مقصود يهدف إلى تغييب المعلومة وإضعاف المراقبة الشعبية، وهو ما يتطلب وقفة من المجتمع المدني والمواطنين، وكل الغيورين على المدينة، لقول “كفى” لهذا العبث، والمطالبة بمحاسبة حقيقية تليق بمدينة بحجم سلا وتاريخها.
إرسال التعليق