حين تنطلق الحرب النووية، تذكر 22 أبريل 2025 (الجزء الثاني)

آخر الأخبار

حين تنطلق الحرب النووية، تذكر 22 أبريل 2025 (الجزء الثاني)

رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي

اليوم يبدو أن الأمور تتجه نحو تصعيد، وربما أكبر، وهو ما يخفيه مسؤولو البلدين، إذ يخرجون للتهديد بالحرب في أي لحظة، مع كشف تقارير غربية عن تصاعد التوتر على طول الحدود بين البلدين، فالهند وباكستان، ووفقا لموقع “بريدج كرونيكل”، كشفت لقطات مصورة عن نشاط ملحوظ للقوات الجوية الباكستانية قرب خط السيطرة في جامو وكشمير، مما يشير، بحسب محللين ومراكز أبحاث وتحليلات عسكرية، إلى استعداد باكستان لعملية عسكرية واسعة النطاق، ووفقا للموقع الأمريكي، فإن نشر القوات الجوية الباكستانية وطائراتها، تشير الطلعات الجوية المكثفة إلى تصعيد أكثر خطورة.

كل هذا، بالطبع، ليس من أجل الهجوم الأخير، بل هو مجرد ذريعة لهذا أو ذاك، فبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن شرارة حرب نووية مرتبطة فقط بالتصعيد العسكري، فيجب أن نتحدث بشأن قصة النهر الأكثر خطورة في العالم، وهو نهر السند، الذي قالت صحيفة التلغراف إنه قد يؤدي إلى كارثة، وهو إشعال حربا عالمية ثالثة بعد أن توقف الهند معاهدة إمدادات المياه الرئيسية عن جارتها وعدوتها باكستان.

فقد أكدت إسلام آباد على الفور أن الأمر، باختصار، كان إعلان حرب، لأن القضية هنا أصبحت مرتبطة بتهديد وجودي لباكستان، فنهر السند الذي شهد ميلاد إحدى أقدم الحضارات، وأكثرها غموضا على وجه الأرض، وأوقف تقدم الإسكندر الأكبر، فاليوم هذا النهر، الذي يخترق كامل كشمير، قادما من منبعه في الصين، مارا بالهند قبل أن يصب في باكستان، لا يزال يغذي بمياهه بعضا من أكثر مدن العالم كثافة سكانية، ورغم كل هذا، لم تجد الحكومة الهندية غضاضة استخدامه سلاحا، بتعليق المعاهدة التي تنظم استخدام مياه النهر مؤقتا.

ورغم أن البلدين لم يتوقفا عند هذا الحد، فقد اشتبكت جيوشهما على الحدود، و تبادلا تعليق التأشيرات، وأوقفت باكستان جميع المعاملات التجارية مع الهند وطردت عددا كبيرا من الملحقين العسكريين الهنود من البلاد، بينما أغلقت الهند معبر “أذاروغاه” بين البلدين، مما أدى إلى انخفاض مستوى العلاقات، ومع ذلك فإن الدبلوماسية لا تساوي قطرة ماء في نهر السند، فهي مسألة حياة أو موت بالنسبة لباكستان، كما يقول هيمان تشوثكار، مدير مكتب العلاقات الدولية في دلهي ومدير شبكة جنوب آسيا للسدود والأنهار والشعوب، كما يعتقد تشوثكار أن معاهدة نهر السند ليست ذات أهمية كبيرة للهند، التي تقع أعلى النهر، ولكنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لباكستان، فهي شريان حياتها الزراعية والغذائية ، حيث يتجلى ذلك في المعارك العديدة بين الهند وباكستان.

لقد ظلت باكستان والهند متنازعتين على المياه منذ استقلالهما في عام 1947، وخاصة منذ أن قطعت الحدود التي نشأت عن التقسيم نهر السند، والذي كانت دولة باكستان الجديدة تتمركز حوله وتعتمد عليه في حياتها للحصول على المياه خارج موسم الأمطار، وهذا أحد أسباب اندلاع الحرب بين البلدين مباشرة حول كشمير التي يتدفق عبرها نهر السند من الصين، ولذلك، أصبح تأمين منابع نهر السند مسألةً ملحة، وذا أهمية قصوى، ولذلك، شهد عام 1960 أعظم انتصارات باكستان الدبلوماسية، بعد سنوات من المفاوضات المتوترة التي توسط فيها البنك الدولي.

دخلت معاهدة مياه نهر السند حيز التنفيذ، حيث منحت الهند كامل الحقوق في استخدام الروافد الغربية الثلاثة، لكنها ضمنت لباكستان تدفق مياه نهر السند نفسه ورافديه الشرقيين “جيلوم وتشيناب”، اللذين يشكلان معظم مياهه، و منذ ذلك الحين، اعتبرت معاهدة نهر السند ركيزة للاستقرار.

وعلى الرغم من السماح للهند ببناء بعض السدود، وسحب بعض المياه من المناطق العليا، فقد أعطي هذا الإذن للهند بشروط صارمة، وبالتنسيق مع باكستان، مما جعل حكومة مودي تفكر في طريقة لإنهاء معاهدة نهر السند، وهي ارهاصات بدأت أولى بوادرها بعد هجوم في كشمير عام 2016، عندما قال مودي إن الدم والماء لا يختلطان، قبل تكرار هذا التهديد بعد هجوم آخر في عام 2019.

وعلى الرغم من الحروب وسباق التسلح النووي، استمرت الوفود الهندية والباكستانية في الاجتماع كل عام لمراجعة مستويات المياه، وتبادل البيانات حول هطول الأمطار وتدفق الأنهار والتشاور، ومع ذلك، أعلنت نيودلهي في عام 2023 رغبتها في إعادة التفاوض على المعاهدة، وقالت إنها ستعلق الاجتماعات السنوية للجنة مياه نهر السند.

واليوم، يبدو أن الهجوم الأخير على مودي ،وحلم الهند بالسيطرة على النهر وتعطيش باكستان، التي تلقفت الرسالة وردت على الفور على الهند، بأنها مستعدة للحرب من أجل كشمير ومياه نهر السند، ورغم كل هذا التوتر، يبدو أن الردع النووي الذي أسسه الجانبان في خطر، فمنذ أن حصلت الهند على القنبلة النووية عام 1974، وباكستان عام 1998، ربما لم تصل الأمور إلى هذا المستوى بين البلدين اللذين بدءا باستعراض موازين القوى في ظل تصاعد مخاطر الحرب بينهما، وهما جارتان نوويتين .

وفي أفضل الأحوال، على غرار ما حدث في عام 1999، عندما تمكن مسلحون كشميريون من التسلل إلى الجزء الهندي من كشمير واحتلت قمم “كاركيل”، في حين الهند حشدت قواتها في المنطقة وتمكنت من استعادتها، وفي أسوأ الأحوال، إن استخدمت أي من الدولتين أو كلتيهما أسلحتهما النووية ، فلا بد من إجراء مقارنة عسكرية سريعة بين الهند وباكستان، اللتين تربطهما حدود مشتركة تمتد لأكثر من 3,300 كم، وحسب إحصائيات عام 2025 من موقع “غلوبال فاير باور” المتخصص في شؤون الدفاع والقوة النارية، فإن الكتلة الحيوية الحرجة المتمثلة بالأرض والسكان هي من أهم مقاييس القوة بين الدول.

وعلى الرغم من أن عدد السكان في الهند يزيد عن خمسة أضعاف عدد سكان باكستان، إلا أن نسبة الجنود في صفوف القوات المسلحة الباكستانية تفوق نظيرتها الهندية نسبة لعدد السكان، بينما تخصص الهند أكثر من عشرة أضعاف ما تنفقه باكستان على التسليح والتدريب وتطوير نظام الدفاع ، ومن حيث المساحة، تمتلك الهند مساحة تزيد عن أربعة أضعاف مساحة باكستان، بالإضافة إلى سواحلها الممتدة على البحار والمحيطات، مما يسمح بتنوع طرق التجارة والإمداد براً والبحر، بالإضافة إلى الثروات و الموارد الطبيعية والاستراتيجية، وفيما يتعلق بالتحالفات العسكرية، تتحالف باكستان مع الصين وتركيا لتطوير منظومتها الجوية. وهنا، يمكننا ذكر الصفقات الخاصة بـمقاتلات الشبح الصينية FC-31 وطائرة الهجوم التركية Qayel V. لباكستان، وهناك أيضا تاريخ طويل في التصنيع العسكري المحلي.

في المقابل، يمكن أن نلاحظ أن الهند لا تتردد في إبرام صفقات دفاعية مع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى الحصول على معدات متطورة وترسانة أسلحة فتاكة، بالطبع، بالإضافة إلى الهند، من خلال جهودها الذاتية في التصنيع العسكري، بما في ذلك إنتاج المعدات العسكرية المتطورة،والمقاتلات المحلية مثل تيجاس، والغواصات، والمركبات المدرعة، والصواريخ بعيدة المدى، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع المتطورة.

وفيما يتعلق بالشراكات الخارجية، نرى أن الهند عززت هذه الشراكات مع الولايات المتحدة، التي منحت الهند تصنيف شريك دفاعي رئيسي، مما يضعها في موقف قريب من حلفاء الناتو، كما ساهم التعاون الهندي الإسرائيلي في تطوير أنظمة صاروخية متطورة، وطائرات استطلاع، وأنظمة دفاع جوي.

وبالانتقال إلى القدرات النووية،فإن الهند و باكستان تواصلا سباقهما لتطوير الأسلحة الاستراتيجية مثل الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، مثل الصاروخ الهندي العابر للقارات “أجني” الذي يبلغ مداه 5000 متر، في المقابل، هناك صاروخ شاهين الباكستاني، الذي يتراوح مداه بين 2500 و3000 كيلومتر،حيث تشير التقديرات إلى أن عدد الرؤوس النووية في البلدين سترتفع إلى أكثر من 300 رأس نووي بحلول عام 2025، وتشير المواقع المتخصصة إلى أن باكستان عززت ترسانتها النووية بسرعة ، وهناك تقديرات تير إلى أن إسلام آباد تمتلك ترسانة نووية تصل إلى 170 رأسا نوويا، بالإضافة إلى قدرتها على إنتاج نحو 30 رأسا نوويا كل عام، وتمتلك إسلام آباد أيضا صواريخ حاملة للأسلحة النووية من نوع “هفت” بمدى 300 كيلومتر، و”هفت-4″، بمدى 750 كيلومتر، في حين تشير التقديرات إلى أن الهند تمتلك أكثر من 160 رأسا نوويا.

وفي الوقت الذي تمتلك فيه كل من الهند وباكستان صورا مختلفة لمكونات الثالوث النووي، وهو مصطلح يشير إلى أساليب إطلاق الأسلحة النووية من المخزون النووي الاستراتيجي، ويتكون من ثلاثة أسلحة رئيسية، بما في ذلك القاذفات الاستراتيجية الطائرة، والصواريخ الباليستية الأرضية، والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات.

وعلى الرغم من أن الهند تحاول تعديل طائرات مثل ميراج 2000H، وسو-30، وجاغوار ES لحمل الأسلحة النووية، إلا أن تركيز الهند، مثل باكستان، لا يزال على الأسلحة النووية، وهي الصواريخ الباليستية المنطلقة بريا، وعلى الرغم من أن الأرقام المقدمة حول حجم التسليح والقدرات الجوية والبرية لكلا الجانبين لا تتفق مع حجم الإنفاق الدفاعي في البلدين، في حين تظهر باكستان تفوقا نسبيا،لكن هذا قد يكون على حساب الكفاءة التقنية والتفوق التكنولوجي، وهو ما يصب في مصلحة الهند غالبا.

وفيما يتعلق بالقوة البحرية، بالنظر إلى الفارق الشاسع في طول السواحل بين البلدين، يبدو من الطبيعي أن يتفوق الأسطول البحري الهندي كما ونوعا على الوحدات البحرية الباكستانية، وفي هذا السياق يكفي أن نعلم أن الهند تمتلك حاملتي طائرات، إحداهما من صنعها الخاص.

في نهاية كل هذا الرعب العسكري النووي والتقليدي ، والأسباب التي قد تؤدي إلى حرب كارثية قد يدفع ثمنها الكوكب بأكمله، يمكن القول أن كشمير ستبقى شرارة قائمة وكافية لإشعال حرب نووية تحرق العالم، وهي الحرب التي تنبأ بها علماء النووي في عام 2019 عندما قالوا أن عام 2025 سيشهد حرب نووية باكستانية هندية، ستكون الضربة الأولى فيها لباكستان التي ستشن هجوما مدويا يستهدف الهند التي سترد فورا بالقنابل التكتيكية أولا، ثم الضربات النووية التي ستمحو مدنا بأكملها.

ووفقًا لهذه النبوءة، قد يقتل حوالي 125 مليون شخص خلال الأسبوع الأول، و بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن هذا سيكون الجزء الأعظم من الكارثة، يجب أن نذكرهم بأن حقيقة الرعب الذي تعرفه البشرية عن الأسلحة النووية تؤكد أن الكارثة الحقيقية ستبدأ بعد نهاية الحرب النوويةٌ، عندما تحجب سحب الدخان الشمس، مما يدخل الأرض في شتاء نوويٍ تنهار فيه الزراعة، ويكتسح الجوع الكوكب. نعم سيكون شتاء نووي يدفن ما هو متاح له من الحضارة الإنسانية، التي لا تزال عاجزة عن فهم أن أي حرب نووية لن يكون لها طريق العودة بالنسبة للبشرية جمعاء.

إرسال التعليق