حين لا يحاسب أحد فكيف ينجو الخطأ الطبي في دول متعثرة؟

آخر الأخبار

حين لا يحاسب أحد فكيف ينجو الخطأ الطبي في دول متعثرة؟

رصدالمغرب /


في دول تعاني من اختلالات هيكلية في قطاعاتها الحيوية، وعلى رأسها الصحة، يطرح غياب قضايا الأخطاء الطبية تساؤلات حقيقية حول الأسباب والدلالات، فكيف يمكن لنظام صحي هش، يشكو من نقص في التجهيزات والكفاءات والرقابة، أن يظهر على الورق وكأنه خال من الأخطاء أو الانتهاكات الطبية؟

وفي العديد من الدول النامية، لا تسجل شكاوى تذكر ضد الأطباء أو المستشفيات، حيث هذا الغياب لا يفسر غالبا بجودة الأداء، بل بظواهر أعمق تتعلق بغياب الشفافية، وضعف الوعي القانوني لدى المواطنين، وتردي آليات التبليغ والمحاسبة، في ظل ثقافة الصمت و اللا عدالة.

ويؤكد مختصون في المجالين القانوني والصحي أن معظم الأخطاء الطبية في هذه الدول لا يتم التبليغ عنها، إما بسبب الجهل بحقوق المريض، أو الخوف من تداعيات المواجهة، أو انعدام الثقة في القضاء، كما أن ثقافة “التغطية المتبادلة” داخل الأوساط الطبية تسهم في تغييب الحقائق، حيث يفضل تسوية الأمور داخليا بعيدا عن الإعلام أو الجهات الرقابية، ليبقى السؤال هو أين دور المؤسسات الرقابية؟.

والعديد من الدول المتقدمة لا تخلو هي الأخرى من الأخطاء الطبية، إلا أنها تمتلك منظومات رقابية فعالة، وهيئات مستقلة لتلقي الشكاوى والتحقيق فيها، إلى جانب قضاء مستقل قادر على الفصل في مثل هذه القضايا، و أما في الدول المتخلفة، فغالبا ما تغيب هذه المؤسسات أو تعاني من شلل إداري يجعل من شبه المستحيل تحميل المسؤوليات أو إصلاح الخلل، فتسجيل القضايا لا يعني تراجع الأداء.

والمفارقة أن الدول التي تسجل أكبر عدد من قضايا الأخطاء الطبية هي نفسها التي تصنف ضمن الأنظمة الصحية المتقدمة، وهو ما يؤكد أن ارتفاع عدد القضايا لا يعني بالضرورة تردي الخدمات، بل يدل على شفافية في العمل، ومؤسسات تتيح للمواطن ممارسة حقه في التبليغ والمساءلة، تحت شعار لا إصلاح دون مساءلة.

وغياب الأخطاء الطبية من التقارير الرسمية لا يعكس دائما واقعا صحيا جيدا، بل قد يكون ستارا يغطي خللا أعمق، حيث الإصلاح الحقيقي يبدأ من الاعتراف بالمشكلة، وتفعيل آليات التبليغ والمحاسبة، وتكريس ثقافة حقوق المريض، لأنه في نهاية المطاف، الصمت لا يبني نظاما صحيا، بل يعمق هشاشته.

إرسال التعليق