آخر الأخبار

حين يتحول الفاعل الجمعوي إلى أداة للابتزاز

حين يتحول الفاعل الجمعوي إلى أداة للابتزاز

رصدالمغرب / عبدالكريم بنمصطفى


عرفت مراكش نهاية الأسبوع الماضي فضيحة مدوية، كشفت مرة أخرى عن هشاشة المشهد الجمعوي والسياسي بالمدينة، بعد اعتقال أحد أبرز الأسماء التي طالما قدمت نفسها كفاعل نشيط في العمل المدني، لكنه في الواقع اشتهر بخطابه العدائي، وبتدويناته التي تجاوزت حدود النقد إلى السب والقذف والتشهير.

اعتقال المعني بالأمر وإحالة ملفه على المحكمة الابتدائية بمراكش، فتح الباب أمام أسئلة كثيرة حول طبيعة “الحماية” التي كان يحظى بها، والتي جعلته يتمادى لسنوات في ابتزاز الناس واستغلال النفوذ، دون أن تطاله يد القانون، حيث رغم أن بعض الأصوات داخل حزب الأصالة والمعاصرة تحاول الترويج لكون العمدة فاطمة الزهراء المنصوري كانت توفر له الغطاء، فإن موقفها الأخير، حيث اختارت النأي بنفسها وعدم التدخل لحمايته، يضع تلك المزاعم موضع شك.

الفضيحة لم تتوقف عند حدود الملف القضائي، بل ألقت بظلالها أيضا على الحزب نفسه، بعدما اضطرت إحدى قياداته النسائية إلى تقديم استقالتها، احتجاجا على صمت التنظيم وعجزه عن حماية مناضليه من تعسف “أبناء الدار”، وهو ما يعكس مأزقا أخلاقيا وسياسيا عميقا، تتداخل فيه الحسابات الشخصية مع غياب ثقافة المحاسبة.

إن ما وقع في مراكش ليس حادثا معزولا، بل يعبر عن أزمة أعمق يعيشها المشهد الجمعوي والسياسي، حيث يتم خلط العمل التطوعي بخدمة المصالح الضيقة، ويستغل القرب من المسؤولين لتحقيق مكاسب شخصية، والنتيجة هي فقدان الثقة في الخطاب السياسي، وإحساس المواطن بأن المؤسسات لم تعد ملاذا يحميه من الابتزاز والظلم.

لقد آن الأوان لقطع الطريق أمام مثل هذه الممارسات التي تسيء للعمل العام، وتسيء أكثر إلى صورة المملكة المغربية، دولة التاريخ والحضارة، والمسؤولية اليوم تقع على عاتق القضاء ليقول كلمته بصرامة، وعلى الأحزاب تحمل مسؤوليتها في تخليق الحياة السياسية، بدل الاكتفاء بالمناورات وتبادل الاتهامات في الكواليس.

إرسال التعليق