حي السلام بسلا، استنزاف الملك العمومي تحت أنظار المؤسسات وصمت الجهات المعنية

آخر الأخبار

حي السلام بسلا، استنزاف الملك العمومي تحت أنظار المؤسسات وصمت الجهات المعنية

رصد المغرب /

في قلب حي السلام بمدينة سلا، وعلى مرأى من مؤسسات رسمية حساسة مثل سجن الزاكي، وعمالة المدينة، ومقاطعة الحي الإضافي، يعيش السكان على وقع استنزاف يومي للملك العمومي، وسط صمت مطبق من الجهات المعنية.

فتقريبا كل الأرصفة محتلة، والطرقات تضيق على المارة، والفضاءات التي من المفترض أن تكون متنفسا عموميا تحولت إلى مواقع تجارية عشوائية، في مشهد يثير التساؤلات ويطرح علامات استفهام كبيرة حول غياب الرقابة وتطبيق القانون.

وما يزيد من حدة الاستغراب والاستياء، هو ما يشهده محيط سجن الزاكي من مفارقة صارخة، فعدد من المقاهي المنتصبة على طول الشارع تحتل الأرصفة بشكل شبه كلي، مما يجبر المارة على النزول إلى الشارع وتعريض حياتهم للخطر، في تحد سافر للقانون وحق المواطنين في استعمال الملك العمومي بأمان.

والمثير في الأمر، أن هذا الامتياز لا يمنح لجميع المقاهي، إذ تمنع أخرى، في نفس الشارع، من القيام بالفعل ذاته، ما يطرح علامات استفهام مشروعة حول المعايير المعتمدة في تطبيق القانون، ويغذي الشكوك حول وجود علاقات خاصة أو تمييز مبني على المصالح والمحاباة، في تجاهل صارخ لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، الشيء الذي يفترض أن يكون أساس تدبير الشأن العام.

وفي خضم هذه الفوضى، تختزل جمالية المدينة وكرامة ساكنتها في قرارات مزاجية، لا تراعي المصلحة العامة، بل تخدم مصالح فردية ضيقة، على حساب جودة العيش وحق المواطنين في بيئة حضرية سليمة، لأن جمالية الحي وكرامة المدينة فوق كل اعتبار شخصي، ولا يمكن أن تظل رهينة لحسابات ظرفية أو شبكات نفوذ محلية.

والأدهى من ذلك، أن هذا الوضع لا تتحمل مسؤوليته السلطة فقط، بل يشترك فيها الجميع، كل من سلطات محلية، والتي هي مطالبة بالتدخل الحازم والإنصاف بين الجميع، إلى مواطنين مدعوين للتحلي بالوعي واليقظة وعدم التواطؤ بالصمت مع تجاوزات تمس بحقوقهم الأساسية.

وأيضا هناك الجمعيات المدنية، و التي يفترض أن تكون لسان حال الساكنة، مطالبة بالخروج من دائرة المجاملة والتحرك للدفاع عن حق التنقل الحر والآمن في الرصيف، باعتباره من صميم الحقوق الحضرية والإنسانية.

ولا يمكن في هذا السياق تجاهل غياب الأحزاب والمنتخبين، الذين يظهرون فقط في الحملات الانتخابية، ويختفون حين يحين وقت الدفاع عن مصالح المواطنين، فالمجالس المنتخبة التي يفترض أن تكون صوت الشارع ومراقب أداء السلطة، تحولت إلى غائب حاضر، يكتفي بمقاعده دون أثر حقيقي في الميدان.

إنها دعوة مفتوحة لكل من يعنيه الأمر، فكفى من الصمت والتواطؤ، لأن الملك العمومي ليس غنيمة، بل أمانة ومسؤولية جماعية، فهل نحن أمام ازدواجية في تطبيق القانون؟ أم أن الأمر يدخل في خانة الاستثناءات غير المعلنة المرتبطة بشبهات علاقات شخصية؟، سؤال تلقيه الساكنة على طاولة عامل المدينة وكل الجهات المعنية، في انتظار جواب يعيد الاعتبار للقانون وهيبة المؤسسات.

ولا ننسى ما يزيد من حدة الاستياء، هو أن هذه الفوضى تقع على مرمى حجر من مراكز القرار، مما يطرح تساؤلا مشروعا لدى المواطنين، وهو هل حي السلام خارج حسابات تحرير الملك العمومي؟ أم أن في الأمر استثناءا غير معلن؟

إن ساكنة الحي التي لم تعد تخفي غضبها، تطالب السيد عامل عمالة سلا بالتدخل الفوري لوضع حد لهذا التسيب، وإعادة الاعتبار للمجال العام، الذي هو حق مشترك لجميع المواطنين، لا يمكن تفويته أو احتلاله بمنطق الفوضى أو المحاباة، لأن رسالة سكان حي السلام واضحة، وهي “نحن لسنا مواطنين من الدرجة الثانية. وننتظر الإنصاف”، فهل من مجيب؟

إرسال التعليق