
دراسة عن الجماعات الداعشية بين أسباب الانتشار واستشراف المآل
رصد المغرب/ ثريا ذاكر باحثة
مؤلف هذا الكتاب، الباحث حسنين توفيق إبراهيم، متخصص في النظم السياسية وتغطي اهتماماته البحثية قضايا التحول الديمقراطي والمجتمع المدني والاقتصاد السياسي والجماعات السياسية والعنف والإرهاب في العالم العربي.
يتطرق الكتاب إلى تنظيم داعش ومستقبله، مع الإشارة إلى أنه صدر للمكتبات قبل الأحداث التي عرفتها سوريا في نهاية 2024، أي سقوط نظام بشار الأسد، وصعود نظام أحمد الشرع، وتتفرع محاور الكتاب على مقدمة وخمس فصول، وهي: مظاهر تصاعد دور تنظيم “داعش” في سوريا والعراق خلال عامي 2020 و2021، عملية سجن الصناعة بحي غويران: الأبعاد، الدلالات، التداعيات، في أسباب تصاعد دور تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، مقتل القرشي: الأبعاد والتداعيات، مستقبل تنظيم “داعش” في مرحلة ما بعد القرشي.. المحددات والسيناريوهات، ثم خاتمة وهي: “داعش” لن يندثر بسهولة والحرب ضده سوف تكون طويلة. وصدر الكتاب عن مركز تريندز للبحوث والاستشارات.
ويتمثل الهدف من هذا الكتاب في رصد وتحليل المظاهر والأسباب التي أدت إلى تصاعد دور تنظيم “داعش” في كل من سوريا والعراق خلال عامي 2020 و2021 بالإضافة إلى استشراف مستقبل التنظيم في مرحلة ما بعد فشل عملية سجن الصناعة بحي غويران، ومقتل القرشي. وفي هذا الإطار، تقدم هذه الدراسة تحليلا كميا وكيفيا للعمليات التي شنها التنظيم في سوريا والعراق خلال العامين الماضيين. كما أنها تحلل عملية سجن الصناعة من حيث خلفياتها ودلالاتها، وتناقش عملية مقتل القرشي من حيث أبعادها وتداعياتها.
في أعقاب هزيمته العسكرية في كل من العراق وسوريا، ومقتل زعيمه أبي بكر البغدادي في أكتوبر 2019، استطاع تنظيم “داعش” التكيف بسرعة مع هذه المستجدات إذ تمكن من إعادة تجميع صفوفه واستئناف أنشطته في البلدين. وقد نفذ خلال الثلاثة الماضية آلاف العمليات الإرهابية داخل سوريا والعراق وخارجها، حيث تنشط فروعه وخلاياه المنتشرة في دول عدة، وبخاصة في آسيا وأفريقيا.
يؤكد المؤلف أن الطريق أمام إعادة بناء الدولة في سوريا والعراق على أسس ومبادئ المواطنة وسيادة القانون، ووقف التدخلات الخارجية، فضلا عن تنفيذ خطط وبرامج فعالة من أجل إعادة الإعمار، وبخاصة في المناطق التي دمرتها الحروب، وإعادة النازحين والمهجرين إلى مناطقهم، ورفع الظلم عن الفئات التي تشعر بالتهميش والتي قد تشكل حاضنة اجتماعية لتنظيم “داعش” أو غيره من التنظيمات الجهادية الإرهابية في حال استمرار هذه الأوضاع.
وإذا كانت مواصلة المواجهة العسكرية والأمنية لتنظيم “داعش” ضرورية ومطلوبة، فإن هناك حاجة لإعادة النظر في السياسات الأمنية المطبقة في كل من سوريا والعراق بهذا الخصوص، إذ يلاحظ أن هذه السياسات تأتي بصفتها ردود أفعال للعمليات التي ينفذها التنظيم، ولا تمثل استراتيجيات استباقية متكاملة لمواجهته وتدمير مصادر قوته، وبخاصة في سوريا، حيث يصعب الحديث عن استراتيجية وطنية في ظل وجود كيانات أخرى غير النظام السوري تسيطر على مناطق في شمال شرق وشمال غرب سوريا.
كما يرى الكاتب أنه مهما تكن فاعلية السياسات العسكرية والأمنية، فإنها لا تكفي بمفردها لتجفيف منابع التطرف والإرهاب التي تغذي تنظيم “داعش” وغيره من التنظيمات الجهادية.
بخصوص استشراف مستقبل تنظيم “داعش” في سوريا والعراق خلال الأجلين القصير والمتوسط، يتناول الكتاب بالتحليل والتقييم أهم العوامل المؤثرة في رسم ملامح هذا المستقبل، وبخاصة تلك المتعلقة بمآلات التحديات الكبرى والأزمات البنيوية التي يعاني منها البَلَدان والمتمثلة في: هشاشة الدولة، والفراغات الأمنية والأزمات الاجتماعية، لكنه يؤكد أن مواجهة هذه الجماعات يتطلب أيضا المواجهة الفكرية للفكر المنحرف الذي يتبناه التنظيم المعالجة الجادة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، كما يعد التعاون الإقليمي والدولي الفعال من المتطلبات الرئيسية لمواجهة تنظيم “داعش” داخل سوريا والعراق وخارجها، لأنه من خلال هذا التعاون يمكن دحض الفكر التكفيري الذي يروج له التنظيم واستهداف مقاتليه، وتحجيم قدرته على تجنيد أعضاء جدد، وتجفيف مصادر تمويله ومنعه من توظيف منصات التواصل.
إرسال التعليق