رد على مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء

آخر الأخبار

رد على مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء

رصدالمغرب / عبدالعالي بريك


لقد اطلعنا على بلاغ السيد المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، السيد عبد الواحد جمالي الإدريسي، بخصوص أنشطة المؤسسة والدعم المقدم للسجناء، وإذ نثني على النوايا النبيلة للمؤسسة والأهمية التي توليها لإعادة الإدماج الاجتماعي، فإننا نرى لزاما علينا أن نعرب عن قلقنا العميق وتساؤلاتنا بشأن فعالية وشفافية برامج الدعم، لا سيما تلك المتعلقة بالمشاريع المدرة للدخل، لأن مسعانا هذا ليس للطعن في مبدأ إعادة الإدماج، بل لإثارة نقاط جوهرية تعيق، حسب تجربتنا وملاحظاتنا لمئات الحالات، تحقق الأهداف المعلنة وتضر بالمستفيدين.

وفي غياب برنامج منظم ومسألة نجاح المشاريع، من الضروري التأكيد على أن المشكلة الرئيسية تكمن في الغياب الواضح لبرنامج واضح ومنظم لضمان نجاح مشاريع إعادة الإدماج، لأن المبادرات وإن كانت مدفوعة برغبة في المساعدة، تبدو وكأنها تفتقر إلى منهجية صارمة تضمن استدامتها على المدى الطويل.

إننا نتساءل عن معايير اختيار المشاريع وعن المرافقة بعد الإطلاق، حيث نجاح المشروع لا يقتصر على مجرد منح المعدات أو رأس المال الأولي، بل يتطلب دراسة جدوى معمقة وتحليلا للسوق ومتابعة شخصية وتدريبا مناسبا للمستفيدين.

وفي هذا الصدد، نلتمس من السيد المدير نشر قائمة مفصلة بأسماء السجناء السابقين الذين نجحت مشاريعهم بالفعل، فمن الأهمية تحديد ما تعنيه المؤسسة بالضبط بـ “النجاح”، لأن السؤال المطروح هو هل هو مجرد إطلاق المشروع، أم استمراريته لفترة معينة، أم قدرته على توليد دخل كاف لتحقيق استقلالية المستفيد، أم مساهمته في الاقتصاد المحلي؟، فنحن من جانبنا، لدينا مئات الأسماء لسجناء سابقين فشلت مشاريعهم للأسف، مما يثير شكوكا مشروعة حول الفعالية الحقيقية للآلية الحالية، حيث الشفافية في أرقام النجاح والفشل، مصحوبة بتحليل للأسباب، ستكون خطوة أولى نحو تحسين النقاش

والشفافية المالية هي نقطة أخرى رئيسية تثير القلق تتعلق بالغياب الصارخ لدراسات السوق المسبقة قبل تخصيص المشاريع، بحيث من غير المعقول إطلاق عشرات، بل مئات المشاريع المتشابهة دون تحليل معمق للطلب المحلي والمنافسة والخصوصيات الجغرافية.

إن النهج الحالي، الذي يبدو أنه يفضل توزيع السلع دون مراعاة الجدوى الاقتصادية للمشروع في بيئته، يؤدي حتما إلى الفشل، فهل من الطبيعي توفير سلع دون التأكد من قدرة السوق المحلي على استيعابها؟، و هل من الحكمة تقديم أنشطة متطابقة لعدة مستفيدين في نفس المنطقة، مما يؤدي إلى إشباع السوق ويحكم على المبادرات بالفشل؟

علاوة على ذلك، تثار مسألة الشفافية المالية بحدة، وذلك بطرح سؤال أين هي الفواتير المفصلة التي تبرر تكلفة السلع الموزعة؟، و كيف يمكن التأكد من أن الأموال المخصصة تستخدم على النحو الأمثل وأن المستفيدين يتلقون دعما بقيمته الحقيقية؟، لأن عدم تقديم المؤسسة لهذه الوثائق الأساسية يثير تساؤلات مشروعة حول إدارة الموارد وتتبع النفقات، حيث من الضروري فهم المبلغ الذي أنفقته المؤسسة بالفعل على كل سجين وعلى كل مشروع، والتأكد من أن هذه النفقات تتوافق مع واقع السوق واحتياجات المستفيدين.

يبدو أن الهدف الرئيسي هو الترويج لعمل المؤسسة، من خلال دعوة الصحفيين والإذاعات، بدلا من ضمان استدامة المشاريع، لأن منطق “توزيع السلع” لإدخال سلع أخرى، دون دراسة جدوى حقيقية، هو نهج يضر بالمستفيدين ويقوض فرص النجاح، ودائما نكرر طلبنا بضرورة إجراء دراسات سوق جادة وتقديم مبررات مالية لكل مشروع، لضمان استخدام مسؤول وفعال للأموال المخصصة.

ختاما ليس هدفنا التقليل من جهود مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، بل تسليط الضوء على الثغرات المنهجية التي تقوض فعالية برامج الدعم الخاصة بها، و لأن إعادة الإدماج قضية وطنية كبرى تتطلب نهجا صارما وشفافا وموجها نحو النتائج، حيث نطلب بإلحاح من السيد المدير تقديم إجابات واضحة وملموسة لتساؤلاتنا:

1.برنامج مفصل ومعايير نجاح قابلة للقياس لمشاريع إعادة الإدماج.

2.قائمة بالمشاريع الناجحة، مع تعريف دقيق للنجاح وبيانات قابلة للتحقق.

3.نشر دراسات السوق المسبقة قبل تخصيص المشاريع.

4.الشفافية الكاملة في النفقات، مع تقديم الفواتير ومبررات تكاليف السلع.

نحن مقتنعون بأن مثل هذا النهج، بعيدا عن الإضرار بصورة المؤسسة، بل سيعزز مصداقيتها وتأثيرها الحقيقي على حياة السجناء السابقين، حيث حان الوقت للانتقال من منطق “توزيع المساعدة” إلى استراتيجية “تطوير مشاريع قابلة للحياة”، بناءا على الدقة الاقتصادية والشفافية، لأن كرامة المستفيدين وفعالية الأموال العامة تعتمد على ذلك.

ونؤكد في هذا السياق أن الرعاية ليست همنا الأساسي، بل جبر الضرر وإعادة الاعتبار للمستفيدين، غير أن رسالتكم حفزتنا على الرد، إذ من الأدب إذا حيّانا أحد أن نرد التحية، ونتمنى منكم التفضل بالرد على رسالتنا وأسئلتنا.

إرسال التعليق