سلفي فرنسي بالمغرب (الحلقة الأولى)

آخر الأخبار

سلفي فرنسي بالمغرب (الحلقة الأولى)

رصد المغرب/الدكتور ادريس الكنبوري 

ـ من الفاتيكان إلى المخابرات

استرعت ظاهرة اعتناق المواطنين الغربيين للإسلام اهتمام دوائر البحث في البلدان الغربية طيلة النصف الثاني من القرن العشرين، لكن القضية ظلت، إلى حدود القرن الماضي، واحدة من المفردات التي يتم الاشتغال عليها في إطار الدراسات التي تتعرض لتوسع دائرة الإسلام في العالم على حساب الأديان الأخرى، وخاصة المسيحية، وضمن حلقة التفكير في عملية التزحزح الديمغرافي لصالح العالم الإسلامي. في إطار هذه الرؤية، كان الموضوع على رأس اهتمامات الفاتيكان الذي لم يكن يتردد، كلما كان هناك مسيس حاجة، في دق ناقوس الإنذار من تراجع عدد معتنقي الديانة المسيحية في العالم. وكان هناك جيش، غير مسلح، يحاول الرد على هذا الخطر والقيام بهذه المهمة، وهم المنصرون. أما الكلمات المفاتيح التي كان يتم التذكير بها ب

استمرار فهي نفسها التي كانت المؤلفات الاستشراقية ترددها: الفتوحات الإسلامية، الحروب الصليبية، القرآن والسيف، والجهاد الديني.

وما كاد القرن العشرون يترك مكانه للقرن الحالي، حتى بدأت قواعد اللعب في التبدل شيئا فشيئا، في ظل مناخ عالمي مكتنز بشتى الاحتمالات. واحتل الإسلام مجددا واجهة المسرح، منذ أن تغيب عنها طيلة قرن كامل تقريبا، منذ سقوط الآستانة، فظهر الحديث عن الخطر الإسلامي، أو الخطر الأخضر، بديلا عن الخطر الشيوعي الأحمر الذي جمع أسلحته المهترئة وانكفأ على نفسه بعد انهيار جدار برلين، بعد أن لم يعد يخيف أحدا. ولكن الخطر الإسلامي، في هذه المرة أيضا كما في التاريخ، كان له عنوان محدد يمكن معرفته بالتوجه شرقا، فهو موقع جغرافي معروف، ولذا كان من السهل إيجاد حل يجنب الإسلام والمسيحية الصدام فيما بينهما، وطالما أن الأمر يتعلق بجغرافيتين، سيكون الحل هو تحصين القلعة الأوروبية في وجه العالم الإسلامي، وكانت تلك القلعة هي خلاصة أطروحة صامويل هانتنغتون، الباحث الأمريكي صاحب نظرية صدام الحضارات الشهيرة.

وفي الوقت الذي كان العالم يستعد للتعايش مع ما كان يسمى بالنظام الدولي الجديد، ويدفع أولى خطواته داخل فندق مفتوح للعموم، أطلق عليه اسم العولمة، جاءت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 لكي تقلب الحفل على أهل العرس والمدعويين معا. وبين عشية وضحاها، بدا وكأن المرحلة الفاصلة ما بين انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات من القرن العشرين، وبين التفجيرات، كانت مجرد “فترة سماح” أو استراحة، لكي يدخل العالم كله نظاما عالميا جديدا، يمكن توصيفه بنظام اللانظام.

أصبح للغرب والعالم الإسلامي، في هذه المرحلة، عدو واحد مشترك هو تنظيم القاعدة للسعودي أسامة بن لادن، تماما مثلما كان لهم عدو واحد مشترك بالأمس هو المعسكر الشيوعي. خسر هانتنغتون رهانه وسقطت النظرية في الوحل، ولحقت بها نظرية نهاية التاريخ لفرانسيس فوكوياما الذي اعتقد، لجهل واضح بالتاريخ وكثير من الغرور، أن الحضارات عربة في قطار له خط سير مستقيم ينطلق من محطة وهو يدرك إلى أين يتجه.

لكن حدثين حصلا في أعقاب تلك التفجيرات غيرا الموقف من الإسلام “الجغرافي” جذريا ونقلا المعركة”الحضارية” إلى الداخل في الغرب نفسه. الحدث الأول هو العثور على جثة الفرنسي “هيرفي جمال لوازو” في أفغانستان، الذي مات من البرد في جبال تورا بورا، في 23 ديسمبر من نفس العام، والذي أطلقت عليه الصحافة الفرنسية لقب”طالبان الفرنسي”، لأن الشاب ـ الذي لم يكن يتجاوز 28 عاما من العمر ـ قاتل إلى جانب حركة طالبان، واستطاع الإفلات من القصف الأمريكي دون أن ينجو من مخالب البرد، أما الحدث الثاني، الذي خلف صدى واسعا في الصحافة الدولية، فهو اعتقال البريطاني ريتشارد ريد ، المعروف بـ”مفجر الحذاء”، الذي كان يحمل في حذائه قنبلة على متن الطائرة في الرحلة الجوية بين باريس وميامي في 22 ديسمبر 2001، وأعلن أثناء محاكمته أنه من أتباع بن لادن، وأقر بالتهم المنسوبة إليه وقال: “أقر بأفعالي، لا أعتذر عنها وأنا لا أزال في حرب مع بلدكم”.

هنا بدأ التفكير مجددا في مسألة اعتناق الإسلام من قبل الغربيين، وهنا أيضا، ولأول مرة، سوف ينتقل الملف، أو سوف يتوزع، ما بين الفاتيكان والدوائر الأمنية والاستخبارية في العالم الغربي. أصبح للمسألة بعد أمني هام جدا، ولم يعد المنصرون، ذلك الجيش غير المسلح، كافيا. وبعدما كانت القضية بالأمس تتعلق بالجغرافيا وحدها، انتقلت إلى الداخل، فلم تعد هناك خطوط تماس واضحة، واستفاقت الدوائر الأمنية والفكرية في الغرب على حقيقة جديدة هي الإمكانية المفتوحة، باستمرار، لتحول الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار، وأدرك الجميع، في النهاية، أن هناك شيئا متعفنا في الدانمارك، كما قال شكسبير، في “هاملت”.

ـ من الشيوعية إلى الإسلام

أن يلتحق فرنسي، من ديانة مسيحية، بتنظيم القاعدة، وأن يقاتل مواطن فرنسي آخر إلى جانب حركة طالبان، لم يكن أمرا غير طبيعي، من وجهة نظر معينة. إن قتال أشخاص من ثقافات وأديان أخرى إلى جانب حركات من ثقافات وأديان مغايرة يشكل جزءا من الحركية التاريخية في معجم الصراع بين الشعوب، فعلى طول خط التاريخ الذي قطعته البشرية كان هناك من يقاتل دائما دفاعا عن قضايا ليست قضاياه. كان هناك المرتزقة الذين يظلون مستعدين للقتال إلى جانب من يدفع، كما كان هناك من يعتقدون أنهم بقتالهم إلى جانب حركات أخرى ينتصرون لنفس القيم التي يدافعون هم عنها. ويعتبر القرن العشرون ترجمانا صريحا لهذه الظاهرة، فقد اشتهر لورانس العرب، الجندي البريطاني الذي قاتل إلى جانب العرب الطامعين في القضاء على الإمبراطورية العثمانية لإنشاء دولة عربية بدعم بريطاني، نموذجا للمحارب الذي يهب حياته دفاعا عن قضية يرى أنها عادلة، حتى وإن كانت المواقف من لورانس تختلف بين من يجعله مقاتلا متسترا دفاعا عن التاج البريطاني، ومن يرى فيه المناضل الملتزم إلى جانب القضية العربية. وتعد الأحزاب والحركات الشيوعية في القرن الماضي مثالا بارزا لظاهرة “ترحال” المقاتلين بين حدود القارات والثقافات واللغات، دفاعا عن قيم معينة. لقد قاتل شيوعيون فرنسيون إلى جانب الجمهوريين الإسبان في الحرب الأهلية الإسبانية، وقاتلوا إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، كما قاتل شيوعيون ويساريون من أمريكا اللاتينية في صفوف حركات تحررية أخرى من خارج بلدانهم. وترك تشي غيفارا، الإسم الذي ظل رمزا للغاضبين في كل مكان، نموذجا سيعمر طويلا للشخص الذي يختار القتال في غير بلده، قبل أن يموت في غابات بوليفيا التي ولد بها. وخلال الغزو الروسي لأفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي، كانت جميع الدول الغربية والعربية تتفرج على الشباب العربي والمسلم الذي يتوجه نحو أفغانستان لقتال الروس، وكان هناك شخص يعرفه الجميع ويقدم له الجميع الدعم والإسناد، هو عبد الله عزام، الفلسطيني الذي ترك أشقاءه يحاربون ضد إسرائيل وجاء لكي يحارب الجيش الأحمر، معتبرا أن القضية، في كلا الموقعين، واحدة.

غير أن الظاهرة كما عرفت في الماضي كانت مختلفة تماما عنها في مرحلة ما بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر. كان أولئك المقاتلون المتطوعون في حركات التحرر ذات الاتجاه الشيوعي واليساري يقاتلون دفاعا عن قيم توجد خارج الأديان التي أتوا منها. ما كان يهم تلك الحركات ليس دين الفرد أو ثقافته أو لغته، بل مدى تشبعه بمفاهيم معينة تشكل منطقة مشتركة عابرة للقوميات والأديان والجنسيات، مثل الصراع الطبقي والنضال ضد الإمبريالية ونشدان دولة البروليتاريا، فكان المسلم والمسيحي يقاتلان في صف واحد، ثم يذهب الأول إلى المسجد يوم الجمعة والثاني إلى الكنيسة في الأحد الموالي، إذا كانا متدينين ممارسين، دون أن يطرح ذلك أية مشكلة. وعندما كان الفاتيكان يحصي عدد المسيحيين في العالم لم يكن، بالطبع، يسقط من قوائمه اليساريين والشيوعيين.

من هنا كانت الظاهرة، في صورتها الجديدة التي ترتدي لبوس الإسلام، تستدعي التوجس الأمني والاحتراز منها، ذلك أن الغربي الذي يعتنق الإسلام ويلتحق للقتال إلى جانب الجماعات الإسلامية المتطرفة لا يفعل ذلك دفاعا عن قناعات سياسية، كما كان يفعل متطوعة الماضي، بل عن اعتقاد ديني السياسة جزء منه، وهو لا يفعل ذلك أيضا كمقاتل “معار”، سرعان ما يعود إلى بيته، بل كعضو جديد كامل العضوية في جماعة دينية، تاركا وراء ظهره ثقافته ودينه وحتى لغته أحيانا، لأن غالبية المقاتلين إلى جانب الجماعات الإسلامية المتطرفة كانوا يصرون على تعلم اللغة العربية، التي يعتبرون أنها وعاء الإسلام نفسه، ولغة القرآن في النهاية.

لقد أصبح الإسلام، بالنسبة للكثيرين ممن اعتنقوه والتحقوا بالجماعات المتطرفة، يوفر نفس العزاء الذي كانت توفره الفكرة الاشتراكية والشيوعية بالأمس للغاضبين والمتمردين من أبناء الحضارة الغربية، ويقول فرهد خوزروخر، الباحث الفرنسي ومؤلف كتب عدة عن التطرف الإسلامي: “إن الاسلام يشكل نوعاً من الملاذ لأولئك المسحوقين والمحرومين لأنه أصبح دين المقموعين، ربما كانوا في السابق، قبل عشرين سنة أو نحو ذلك، ليختاروا الشيوعية، أو ليتوجهوا نحو الإيديولوجيات اليسارية، والآن بات الإسلام هو الدين الذي يحارب الامبريالية، والذي يجري التعامل مع أتباعه بلا عدالة من قبل المجتمعات الغربية المتكبرة”. أما أوليفييه روي، الباحث الفرنسي في شؤون الجماعات الإسلامية ومدير المركز القومي للبحوث العلمية بباريس، فهو يرى أن”الشباب(الفرنسي) الذي يتحدر من أسر عمالية، معاد بشكل جوهري للنظام، واعتناق الإسلام يمثل بالنسبة إليه التحدي الأعظم للنظام، إن هؤلاء الشبان يتحولون دينيا لفشل آبائهم، أي إنهم يتحولون دينيا بنفس الطريقة التي كان الناس في السبعينات يذهبون إلى بوليفيا وفيتنام. إنني أرى هنا تقليدا أوروبيا راسخا في التضامن مع قضايا العالم الثالث”([1]).

ـ القاعدة وجيل مقاتلي”العيون الزرق”

إن تزايد عدد معتنقي الإسلام في الغرب جعل الجماعات الإسلامية المتشددة تعتبره مصدرا هاما للتجنيد في صفوفها، وترى الباحثة الألمانية ميلينا أوهلمان، في دراسة لها بعنوان”اعتناق الإسلام في أوروبا والإرهاب”، أن ذلك يعود إلى إدراك تلك الجماعات بأن الغربيين المتحولين إلى الإسلام يضمنون “تجنيدا جيدا” بسبب كونهم يعيشون في مجتمع الرفاه، ويعرفون القواعد غير الرسمية، ولديهم الحرية في التحرك داخل البلدان الأوروبية دون مشاكل أمنية ومن غير إثارة الشكوك. نفس الرأي يعبر عنه الباحث الإسباني غوستافو دي أريستيغي، عضو الحزب الشعبي ومؤلف كتب عن الإسلام بينها”الإسلاموية ضد الإسلام”، إذ يرى أن الجماعات الجهادية”تدرك بأن أحدا ما بعينين زرقاوين وباسم عائلة غربي سيثير شكوكا أقل، فالمتحولون يمكن أن يكونوا عصيين على الملاحقة، خاصة إذا ما لم يكشفوا عن اعتناقهم الإسلام أمام عائلاتهم”. ونضيف إلى تلك الأسباب سهولة التجنيد أو الشحن الإيديولوجي، فالمواطن الغربي الذي يعتنق الإسلام تسهل تعبئته بالأفكار والمعتقدات التي يراد له أن يعبأ بها، إذ يسهل تلقينه أي شيء تحت دعوى أن ذلك جزء من الإسلام، كما أنه لا يتوفر على الزاد المعرفي الذي يخوله مناقشة أو رد بعض المعتقدات غير السليمة.

أدرك تنظيم القاعدة هذه القضية في العام 2005، في إطار توسيع محيطه بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان. فبعدما كان يتردد في تجنيد غربيين حديثي عهد بالإسلام في صفوفه، خشية أن يكونوا أداة لتسلل قوات الاستخبارات الغربية بينهم، أعلن عن تغيير استراتيجيته، وجاء في بيان يحمل توقيع التنظيم بتاريخ 8 نوفمبر2005: “إن جنود القاعدة الجدد مجموعة من أبناءكم ولدوا في أوروبا من أبوين أوروبيين بل ونصرانيين، درسوا في مدارسكم ودخلوا مواقعكم وعرفوا نفسياتكم، ودخلوا الكنيسة وأقاموا قداس الأحد، وشربوا الخمور وأكلوا الخنزير واضطهدوا المسلمين، لكن القاعدة استطاعت أن تحوي هؤلاء فأسلموا وكتموا إسلامهم وتشربوا فكر القاعدة بعد تجنيدهم، وعاهدوا الله أن يحملوا الراية من بعد إخوانهم”.

شكل تجنيد مواطنين أوروبيين ذوي السحنات الغربية نقلة نوعية في استراتيجية تنظيم القاعدة، وبات خبراء الإرهاب في الغرب يتحدثون عن الجيل الجديد لمقاتلي القاعدة، أو جيل”العيون الزرق”، الذين بإمكانهم التحرك بكل حرية وبجوازات سفر أوروبية بحيث يصعب رصد تحركاتهم أو الاشتباه بهم، الأمر الذي جعل دوائر المخابرات والأمن في أوروبا وأمريكا تلتفت إلى هذه الظاهرة الجديدة.

ويرى خبراء أوروبيون في قضايا الإرهاب أن ظاهرة تجنيد مقاتلين من الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام مرت بثلاثة مراحل: في المرحلة الأولى كان دور هؤلاء المتطوعين للقتال إلى جانب تنظيم القاعدة، في مرحلة الانتقال من السودان إلى أفغانستان عام 1996، هو توفير الدعم والإسناد اللوجيستيكي للخلايا التابعة للقاعدة في البلدان الغربية، مثل تلك التي تم تفكيكها تباعا في كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر. وفي المرحلة الثانية انتقل هؤلاء المتطوعون الأجانب لكي يصبحوا مقاتلين على قدم المساواة مع زملائهم العرب، بعدما اهتدى تنظيم القاعدة إلى قدرة هؤلاء على التمويه على الأجهزة الأمنية الغربية، أما في المرحلة الثالثة فقد بدأ إسناد أدوار رئيسية لهؤلاء في الخلايا التابعة للقاعدة، سواء بتوظيفهم لتنفيذ عمليات توصف بالاستثنائية، أو توليتهم”إمارة”خلايا معينة في بعض البلدان الغربية. ويرى خبير أمني فرنسي في شعبة مكافحة الإرهاب بالمخابرات الفرنسية أن الفرنسي روبير ريشار أنطوان من نتاج هذه المرحلة الثالثة، حيث كان أول أوروبي من أصول فرنسية يتهم بكونه “أميرا” لجماعة مسلحة، ما شكل مفاجأة للخبراء الغربيين في مكافحة الإرهاب([2]).

ـ تحذيرات فرنسية

أثار اعتقال روبير ريشار أنطوان اهتمام الدوائر الأمنية الفرنسية التي استيقظت على ظاهرة اعتناق المواطنين الفرنسيين للإسلام وخطورة تحولهم إلى عناصر افتراضية في يد الجماعات المتطرفة، خصوصا وأن الإسلام يعد أسرع الأديان انتشارا في البلاد، بحسب تقارير رسمية متعددة، إذ يقدر عدد الفرنسيين الذين يتحولون سنويا إلى الإسلام بحوالي 3600 شخصا، حسبما أشارت إلى ذلك صحيفة”لاكروا” الفرنسية، وهو رقم قد يبدو مبالغا فيه من قبل الصحيفة التابعة للكنيسة، لكنه يعكس ظاهرة موجودة في المجتمع الفرنسي، لأنه لا توجد إحصاءات رسمية دقيقية لعدد الفرنسيين الذين اعتنقوا الإسلام، بسبب عدم تسجيل ديانة المواطن في بطاقة تعريفه الوطنية. وتؤكد الصحيفة، بناء على تقرير لقسم الديانات بوزارة الداخلية الفرنسية، أن عدد الفرنسيين الذين دخلوا الإسلام يتراوح ما بين ثلاثين إلى سبعين ألفا، وتنقل نفس الصحيفة تصريحا لمسؤول في وزارة الداخلية يقول فيه”هناك تحول مستمر نحو الإسلام، لكن المسألة اليوم لم تعد في اعتناق الإسلام، بل إلى أي حركة ينتقل الشباب الذين يعتنقونه”. وترى الصحيفة أيضا أن المواطنين الفرنسيين الذين كانوا يعتنقون الإسلام قبل عشر سنوات، كانوا ينخرطون في الطرق الصوفية، في إطار بحثهم عن ملاذ روحي، أما اليوم فإن الجماعات المتطرفة هي ما أصبح يستوي الكثير من الشباب الفرنسي الوافد على الإسلام، أي أن معتنقي الإسلام أصبحوا يفضلون الإسلام المتطرف، المتمثل في السلفية الجهادية، على الإسلام الهادئ، المتمثل في الصوفية([3]).

وبحسب تقرير لجهاز المخابرات الفرنسية العامة، صدر في العام 2005، فإن السلفية الجهادية، التي تعتبر”جسرا نحو الإرهاب”، تتوفر على حوالي خمسة آلاف عضو في فرنسا، وتسيطر على حوالي أربعين مسجدا توجد بثماني عشرة منطقة، وهو ما يجعل هذا التيار على تماس مباشر مع المواطنين الفرنسيين الذين يعتنقون الإسلام، ومجالا للاستقطاب والتجنيد، خصوصا وأن هذا التيار”يدعو إلى قراءة حرفية للإسلام”، تجعل الوافد الجديد سهل الإيقاع به([4]).

[1] Olivier Roy: Al-Qaida, label ou organisation ـ

Le Monde diplomatique Septembre 2004.

 [2]  المجلة(لندن) عدد 1225، غشت 2003.

[3] Les nouveaux convertis de l’islam. La Croix. 24/08/2006

[4] Mouvance éclatée, le salafisme s ,est étendu aux villes moyennes .Le Monde.22/02/2005

إرسال التعليق