“سلا “استغلال الملك العمومي الجماعي بين مسؤولية رئيس الجماعة والسلطة المحلية

آخر الأخبار

“سلا “استغلال الملك العمومي الجماعي بين مسؤولية رئيس الجماعة والسلطة المحلية

رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي

يعد الملك العمومي الجماعي من أهم الأصول العقارية التي تمتلكها الجماعات الترابية، ويشكل ركيزة أساسية في دعم التنمية المحلية، وتقديم الخدمات العامة للمواطنين ، غير أن استغلال هذا الملك يثير إشكالات متعلقة بمدى احترام القوانين والتنظيمات المعمول بها، ويطرح تساؤلات حول الجهة المسؤولة عن المراقبة والتدخل عند وقوع تجاوزات ، فهل هو رئيس الجماعة بصفته ممثلا للمرفق الجماعي؟، أم السلطة المحلية باعتبارها مسؤولة عن النظام العام؟

ويمكن القول بأن الملك العمومي الجماعي هو مجموع العقارات والمنقولات التي تخصصها الجماعة لخدمة المصلحة العامة، مثل الساحات العمومية، الطرق، الأسواق، المساحات الخضراء… حيث يخضع هذا الملك لمبدأ عدم قابلية التفويت أو الحجز أو التقادم، مما يعزز حمايته القانونية.

و أشكال استغلال الملك العمومي الجماعي ، حيث يستغل هذا الملك بعدة طرق ، منها منح رخص استثنائية لاحتلاله مؤقتا (مثل الأكشاك والمقاهي على الأرصفة) ، وهناك تنظيم الأسواق الأسبوعية والمهرجانات والمعارض ، وأيضا استغلاله لأغراض تجارية، ثقافية أو اجتماعية بإذن مسبق.

وهنا يكمن دور رئيس الجماعة في مراقبة الاستغلال بموجب القوانين التنظيمية للجماعات (خاصة القانون التنظيمي رقم 113.14)، والذي يتحمل بموجبه رئيس الجماعة مسؤوليات متعددة تتعلق بإدارة واستغلال الملك العمومي الجماعي ، فهو المخول له قانونا منح رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي الجماعي، سواء لأفراد أو لشركات، بناءا على قرارات يحدد فيها طبيعة الاستغلال ومدته وشروطه ، كما يقع على عاتقه “الرئيس” مراقبة مدى احترام المستفيدين لشروط الرخص، ومدى التزامهم بعدم إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، ومتابعة تنفيذ الإخلاء أو سحب الرخصة في حالة الإخلال بالشروط ، كما يمكنه “الرئيس” اتخاذ قرارات بإخلاء الملك العمومي في حال الاحتلال بدون سند قانوني، مع اللجوء إلى القضاء عند الاقتضاء ، ورغم أنه “الرئيس” هو الفاعل الأساسي في تدبير ومراقبة استغلال الملك العمومي الجماعي، إلا أن للسلطة المحلية (الممثلة في شخص الباشا أو القائد) دورا تكميليا وأساسيًا ، يتمثل في الحفاظ على النظام العام ، وذلك بالتدخل حينما يهدد استغلال الملك العمومي النظام العام (السلامة، الصحة، الأمن العام)، فتقوم هذه السلطة المحلية باتخاذ الإجراءات المناسبة، مثل الإخلاء الفوري أو المنع المؤقت ، لأن تنفيذ قرارات الإخلاء بالقوة العمومية ، هو عندما يصدر رئيس الجماعة أمرا بالإخلاء ولا يمتثل المعنيون به، هنا تحتاج الجماعة إلى طلب مؤازرة السلطة المحلية لتنفيذ القرار باستخدام القوة العمومية إذا لزم الأمر.

و هناك مراقبة الأنشطة غير المرخصة ، مثل أن السلطة المحلية تراقب حالات الاحتلال العشوائي أو الأنشطة غير القانونية فوق الملك العمومي “هذا هو الأمر المنعدم تماما”، حيث تتدخل هذه السلطة المحلية بشكل استعجالي بالتنسيق مع الجماعة أو بمبادرة خاصة إذا اقتضى الوضع.

وبالنظر لكل ما سبق ذكره في حدود العلاقة بين رئيس الجماعة والسلطة المحلية ، حيث تتسم هذه العلاقة أحيانا بالتداخل وأحيانا بالتعاون وأحيانا بالحالات المبهمة !!!!، حيث أن التداخل يظهر عندما لا يتم التنسيق المسبق حول التدخلات، مما قد يؤدي إلى تضارب في القرارات أو تراكم للاحتلالات العشوائية.

فالتعاون يتجلى من خلال التنسيق المشترك لمراقبة وتنظيم استغلال الملك العمومي، بما يحافظ على مصالح الجماعة والمواطنين معا ، حيث يجب أن يتم كل ذلك في إطار احترام الاختصاصات القانونية لكل طرف، والتزام كل سلطة بواجباتها وتجنب التجاوزات التي قد تخل بمبادئ الحكامة الترابية.

فتدبير ومراقبة استغلال الملك العمومي الجماعي مسؤولية مشتركة بين رئيس الجماعة والسلطة المحلية، لكن ضمن اختصاصات قانونية محددة، فالرئيس يتولى التدبير اليومي والتقني للملك الجماعي، بينما تتدخل السلطة المحلية للحفاظ على النظام العام ومؤازرة الجماعة في تنفيذ قراراتها، ويبقى التنسيق الدائم والفعال بين الطرفين شرطا أساسيا لتحقيق استغلال عقلاني للملك العمومي الجماعي، وضمان تحقيق التنمية المحلية المنشودة، وليس الاغتناء أو الإثراء بلا سبب.

يتبع!.

 

إرسال التعليق