صفقة النفايات في القنيطرة: 240 مليون درهم بلا ضمانات… ودفتر التحملات يُفصَّل على مقاس المحظوظين!”

آخر الأخبار

صفقة النفايات في القنيطرة: 240 مليون درهم بلا ضمانات… ودفتر التحملات يُفصَّل على مقاس المحظوظين!”

رصد المغرب /

في خضم الجدل المتصاعد حول إدارة الشأن المحلي، تفجّرت بمدينة القنيطرة فضيحة سياسية واقتصادية خطيرة، تسائل بحدة مدى التزام السلطات المنتخبة بمبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

فقد وجهت اتهامات صريحة للمجلس الجماعي للمدينة، الذي ترأسه التجمعية أمينة حروزى، بـ”تفصيل صفقة عمومية على المقاس” ضمن مشروع تثمين النفايات الصلبة، مما حوّله عملياً إلى مشروع طمر نفايات تقليدي فاقد للبعد البيئي والاستراتيجي.

المثير أن هذه الصفقة مرّت عبر دورة استثنائية بتاريخ 13 مارس، شهدت المصادقة على تعديلات تمس أكثر من 12 بنداً أساسياً من الاتفاقية الأصلية، والتي كانت موضوع طلب عروض اعتمدته وزارة الداخلية سنة 2021. لكن التعديلات الجديدة، التي أقرت دون تقييم شامل أو نقاش عمومي جدي، ألغت أحد أهم البنود وهو تحقيق الشركة لنسبة تثمين لا تقل عن 30%، ما يفرغ المشروع من روحه البيئية ويحوّله إلى عملية تجارية محضة لردم النفايات.

ولم يتوقف “الكرم التعاقدي” عند هذا الحد، بل شمل أيضاً آليات صرف 240 مليون درهم من المال العام على شكل دفعات زمنية لا ترتبط بأي مؤشرات أداء أو ضمانات تنفيذ، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول مدى مسؤولية وتبصّر الجماعة في حماية المال العام.

ومن باب “التسهيل غير البريء”، تم التخفيف من شروط العقوبات والجزاءات، بما في ذلك تقليص آجال الإنذارات، والحد من قيمة الغرامات بـ10% فقط، وهي نسب لا ترتقي إلى مستوى الردع. كما جرى تقليص آجال رد الجماعة على طلبات الشركة من 30 إلى 10 أيام، في خطوة قد تضعف الرقابة التقنية والإدارية.

وفي سابقة لا تخفى خلفها رائحة الزبونية، تم إعفاء الشركة المفوض لها من الفوائد التأخيرية في حال تأخر الجماعة، مع تمكينها من المطالبة بفوائد في حال تأخر الأداء من الجهة المفوضة.

أي أن العقد، في جوهره، منحاز لطرف واحد بشكل سافر، يُخل بتوازن الالتزامات القانونية، ويمثل نموذجاً صارخاً لعقود “الريع المؤسسي” المقنّع.

النائب البرلماني مصطفى ابراهيمي عن حزب العدالة والتنمية وجّه سؤالاً كتابياً لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، داعياً فيه إلى فتح تحقيق شفاف وفرض العقوبات القانونية على المتورطين في هذه “الخروقات الجذرية”، التي تمس بجوهر قانون الصفقات العمومية ومبدأ تكافؤ الفرص بين المقاولات.

ما وقع في القنيطرة ليس فقط انتكاسة بيئية، بل هو إنذار سياسي. صفقة بثمن ضخم وبمضمون مجحف، تمرّ تحت أنظار الوزارة الوصية، وتتطلب تدخلاً حازماً لإعادة الأمور إلى نصابها.

لأن صمت الداخلية في مثل هذه الملفات قد يُقرأ كرسالة خاطئة لمن يتجرأ على تجاوز القانون.

فهل تتحرك مصالح وزارة الداخلية لحماية ما تبقى من ثقة المواطن في مؤسسات التدبير المحلي؟ أم أن “الصفقة على المقاس” ستُطوى كما طُويت قبلها صفقات أخرى مثيرة للجدل؟

إرسال التعليق