
عائد من المشرحة (الحلقة الرابعة) مجينينا سجين استثنائي محكوم بالإعدام ،أعدم نفسه
رصد المغرب/احمد الحو
تعرفت عليه عندما كنت بحي المصحة،حينئذ لم يكن محكوما بالإعدام، وكان السجناء يلقّبونه مْجينينا،ولقبه يدلّ على وضعيته العقلية،فهو فعلا رجل معتوه وحادّ المزاج، والشخص الوحيد الذي كان يضبطه هي أمه. كان محكوما بسنوات محدودة وكان من بين أساليبه إذا أراد الاحتجاج أن يتعرى كيوم ولدته أمه داخل السجن وكأني به مُنْتمي إلى جمعية فيمينيست، يتغذّى بالقطط، ويعلق ما تبقى من عظامها على صدره عنوانا للفتوة، ويقطع شرايينه ويشرب الدم المنساب من شرايينه ظنا منه انه بذلك لا يضيع قطرة من دمه. كما أنه شخص غريب الأطوار يقرا كُتب العبرات و النظرات و ماجدولين(للكاتب مصطفى لطفي منفلوطي، ويقرأ أيضا لطه حسين وللشعراء, لقد كان دائم الحركة والنّشاط داخل السجن،حيث أَنشأ فرقة لكرة القدم وهو من يسهر على تنظيم فرقته ويمدّها بالمقويات عند التداريب،وفي المنافسات يكون هو حارس فرقته فلا احد يتجرأ على فك لغز شباكه، لان من اعتقد أن كرته ستمر فهو لن يمر إطلاقا، لأن مجينينا سيكون له بالمرصاد مكسرا ضلوعه أو رجليْه… لم يُكمل العشر سنوات التي أُدين بها حتى صدر في حقه عفو ملكي، ولكن بعد أن أفرج عنه لم يتم تأمين أية متابعة صحية أو اجتماعية له، ليجد نفسه مرة أخرى منغمسا في مستنقع الإجرام من جديد، بحي هامشي بمكناس،وليعود بعد مدة قصيرة جدا إلى السجن بعد أن قتل زميلا له كان معه بالسجن قد هدد أسرته وأمّه بالاعتداء عليهما في غيابه. وقد قتله شر قِتلة ووضع رأسه في كيس بلاستيكي، وذهب إلى حانة واحتسى خمرا حتى الثّمالة، ولما طالَبَت منه النادلة تأدية الفاتورة، أخرج الرأس المقطوعة، قائلا: هذا الذي سيؤديها، فأغمي عليها في الحال، ليُحكم عليه بعقوبة الإعدام. وداخل حي الإعدام لم يعد ذلك المجينينا الطليق داخل السجن، فحي الإعدام له قوانينه الصارمة لا ينجو منها أحد حتى ولو كان هو. ولم يعد يحلم إلا بالموت وقام بعدة محاولات للانتحار إلا أنها لم تكلل بالنجاح. وفي الأخير تيسّر له ذلك، عندما مزق لباسه السجني وصنع منه مشنقة، لينتحر وعيناه جاحظتان ولسانه مدلّى ولون وجهه ازرق.
إرسال التعليق