عاشوراء هو الطقس الشعبي وسوق السحر الخفي الذي تتحول المناسبة إلى موسم لتصفية الحسابات

آخر الأخبار

عاشوراء هو الطقس الشعبي وسوق السحر الخفي الذي تتحول المناسبة إلى موسم لتصفية الحسابات

رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي


في الوقت الذي يحيي فيه المغاربة ذكرى عاشوراء بطقوس احتفالية وتقاليد شعبية توارثتها الأجيال، تحجب عن الأنظار ممارسات خفية تنشط في الظل، حيث تتحول هذه المناسبة عند البعض إلى موسم للدجل والشعوذة، وتفريغ الأحقاد، وطلب السيطرة عبر طقوس سحرية مشبوهة، حيث خلف ستار البهجة والمفرقعات، تنشط سوق سوداء لمواد غريبة تستخدم في طلاسم، ويقال إن لها قوة خارقة في ليلة عاشوراء لأنها “ليلة مفتوحة الأبواب”.

وفي هذه الليلة، التي يعتقد بعض المشتغلين بالسحر أن لها طاقة خاصة، تشهد بعض الأسواق المغربية رواجا لسلع غير اعتيادية من بخور وتمائم وريش طيور وعظام وحيوانات ومواد لا تعرف ماهيتها، حيث تباع بعيدا عن الأعين، في زوايا معتمة، بين همسات وتوصيات مشبوهة، وسط اعتقاد راسخ بأن هذه الليلة فرصة لا تعوض لتحقيق النيات الخبيثة أو فكّ “الربط” أو تحصين النفوذ العاطفي والاجتماعي وحتى في المناصب العليا من الدولة والسلطة في بعض الأحيان إن لم يكن غالبا.

والمقلق في الأمر هو أن هذه الطقوس لا تمارس فقط من قبل فئة هامشية أو جاهلة، بل أحيانا يكون زبائنها من فئات متعلمة أو حتى ذات مناصب ونفوذ، وهو ما يفتح الباب لتساؤلات مشروعة، وهي هل المؤسسات الرقابية على علم بهذه الظواهر؟، وهل هناك مبرر من الجهات التشريعية؟ أم أن في أروقة تلك المؤسسات من يطلب “الخدمة” من ذات الأيادي التي تنسج الطلاسم؟، وحتى الإجابة عن الأسئلة يبقى الجهل هو الوقود لهذه الأعمال والغفلة كغطاء لكل فعل.

وما يغذي هذه الطقوس هي بيئة الجهل الديني والثقافي، والإستفادة من ضعف الوعي وانتشار الخرافة، خاصة في الأحياء الشعبية والهامشية، حيث رغم الجهود لمحاربة الشعوذة، فإن غياب التطبيق الصارم للقانون وصمت المشرع يجعل من عاشوراء مناسبة سنوية يتكرر فيها المشهد بصيغ مختلفة، وهو ما يشير إلى وجود تواطؤات غير معلنة ، وأيضا يشكل ضررا أكبر على المجتمع.

ووسط دعوة للمواجهة، فإن استمرار هذه الظواهر في القرن الحادي والعشرين، في مجتمع يفترض أنه تجاوز الخرافة، يستوجب نقاشا وطنيا جادا عن ما موقع محاربة الشعوذة في السياسات العمومية؟، وما هو دور الإعلام والتعليم والمؤسسة الدينية في تفكيك هذه الظواهر؟، وهل المؤسسة التشريعية قادرة فعلا على كبح هذا التمدد أم أن لبعض أعضائها ارتباطا مباشرا أو غير مباشر بهذه “الخدمات” السحرية؟.

إن المجتمع بحاجة إلى وعي جماعي يخرج الشعوذة من دائرة “الخصوصية الثقافية” إلى خانة الجرم المجتمعي، لا سيما حين تستخدم للإيذاء، وابتزاز المشاعر، وتسميم العلاقات، وكل ذلك تحت عباءة “الطقوس”.

إرسال التعليق