عبد الرحمن الأسطورة هي حكاية شجاعة تتجاوز حدود الميناء

عبد الرحمن الأسطورة هي حكاية شجاعة تتجاوز حدود الميناء
رصدالمغرب / لبنى موبسيط
في ميناء الصويرة حيث تختلط رائحة البحر بصخب الحياة اليومية، كان عبد الرحمن الأسطورة يجلس أمام بضاعته المتواضعة، منشغلا بكسب قوته بعرق جبينه، ولم يكن يدري أن دقائق معدودة ستضعه أمام اختبار إنساني عظيم سيخلد اسمه في ذاكرة كل من شهد الموقف.
اقترب منه طفل صغير، تتلعثم الكلمات على لسانه وهو يصرخ: “هناك شخص يغرق في المرسى!”، لتبدأ اللحظة الفارقة، حيث لم يتوقف عبد الرحمن للتفكير، ولم يلتفت إلى ماله ولا إلى بضاعته، بل انطلق مسرعا كالسهم نحو مكان الحادث.
عند وصوله وجد جمعا من الناس يراقبون المشهد بحسرة، وبعضهم يهمس: “لقد انتهى أمره…”. لكن قلب عبد الرحمن لم يعرف الاستسلام، فاندفع بكل جرأة نحو الماء، ملقيا بنفسه في البحر دون تردد، وسط أمواج متلاطمة وصراع مع التيار، وصل إلى الشاب الذي كان على وشك مفارقة الحياة.
بمجهود بطولي، تمكن عبد الرحمن من إخراجه إلى بر الأمان، وكان الفتى فاقدا للوعي، لكن الأمل لم ينطفئ، فقد بدأ البطل المينائي بتقديم الإسعافات الأولية، يقاوم الزمن في سباق مع الموت، حتى بدأت علامات الحياة تدب في جسد الغريق، وما هي إلا لحظات حتى دوى الميناء بتصفيق حار وهتافات شكر ودعاء من الحاضرين، الذين أبهرهم موقف الشجاعة والإيثار.
إن ما قام به عبد الرحمن لم يكن مجرد فعل إنقاذ، بل رسالة بليغة تؤكد أن البطولة ليست حكرا على الميادين الكبرى أو ساحات الحرب، بل قد تكتب في لحظة صدق وإنسانية، حين يضع المرء حياة الآخرين فوق مصالحه الخاصة.
لقد جسد عبد الرحمن صورة الرجل الحق، الذي لا يقيس المواقف بميزان الربح والخسارة، بل بميزان القيم والمروءة، وطوبى لأمة تنجب رجالا من أمثاله، رجالا يصنعون الفرق حيث يختبر الإنسان جوهره الحقيقي.
إرسال التعليق