عبد الرحيم بوعيدة بين مطرقة التشريع وسندان التعليم العالي

آخر الأخبار

عبد الرحيم بوعيدة بين مطرقة التشريع وسندان التعليم العالي

رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي

في خضم النقاشات المتزايدة حول دور النخب في الدفاع عن المؤسسات الوطنية، يطفو إلى السطح نموذج النائب البرلماني والأستاذ الجامعي عبد الرحيم بوعيدة، الذي أثار مؤخرا ردود أفعال متباينة بسبب موقفه الحاد في الدفاع عن مؤسسة التعليم العالي، مقابل صمت أو فتور في تعاطيه مع القضايا التي تمس المؤسسة التشريعية، التي ينتمي إليها ويتقاضى راتبا منها.

بوعيدة، المعروف بخطاباته النارية ومداخلاته القوية، بدا وكأنه يرتدي عباءة الأستاذ أكثر من عباءة النائب، إذ لم يتردد في الدفاع عن الجامعة ومكانتها العلمية، حتى عندما اقتربت بعض الانتقادات من محيط اسمه، على خلفية ربط غير مباشر بينه وبين أحد الأسماء المثيرة للجدل، “قيليش”. هذا الربط، وإن لم يكن مباشرا، يبدو أنه أصاب “عرش النزاهة” الذي يتفاخر به كثيرون ممن يظهرون أمام الرأي العام بوجه النزيه الصارم، لكنهم قد يسقطون عند أول امتحان.

وقد تطرح هذه الواقعة أسئلة جوهرية حول مفارقة الولاء المؤسساتي، مثال هل من المقبول أن يدافع ممثل الأمة عن مؤسسة على حساب أخرى؟ وهل النزاهة الحقيقية تتجلى في الانتقائية، أم في القدرة على تمثل المبادئ ذاتها في كل المواقع؟

ففي زمن تشهد فيه الثقة في المؤسسات تراجعا ملحوظا، تصبح مواقف الشخصيات العامة مرآة للوعي الجماعي، وإذا كانت الشراسة في الدفاع عن التعليم العالي مفهومة في سياق الانتماء المهني، فإن الصمت عن مسؤولية تمثيل الشعب داخل البرلمان يطرح علامات استفهام حول منطق الالتزام الوطني.

إن النفاق كما يعرفه التراث الثقافي والديني، لا يكون فقط في الأقوال، بل في الأفعال المتناقضة أيضا، وحين تظهر الشعارات النبيلة في العلن، بينما تسكت المواقف في الخفاء، فإننا نكون أمام حالة تستحق المراجعة، لا من أجل التشهير، بل من أجل تصحيح البوصلة.

إرسال التعليق