
عملية الأسد الصاعد”هي الضربة الإسرائيلية على إيران التي كشفت انهيارا أمنيا واستخباراتيا غير مسبوق
رصد المغرب / عبد الكبير بلفساحي
في تطور دراماتيكي غير مسبوق في تاريخ الصراع الإيراني-الإسرائيلي، نفذت إسرائيل فجر الجمعة 13 يونيو 2025، عملية عسكرية نوعية أطلقت عليها اسم “عملية الأسد الصاعد” (Operation Rising Lion)، استهدفت خلالها قلب البنية العسكرية والأمنية والنووية لإيران، في ضربة وصفت بأنها الأعقد والأجرأ منذ عقود، ليس فقط بسبب نتائجها التدميرية، بل بسبب طريقة تنفيذها التي عكست اختراقا عميقا وشاملا للمؤسسات السيادية الإيرانية.
فهناك اختراق عسكري كامل من الداخل بحسب مصادر عسكرية وإعلامية غربية، لأن العملية لم تكن مجرد غارات جوية كلاسيكية، بل كانت عملية استخباراتية معقدة بدأت قبل أشهر، إن لم تكن سنوات، حيث فجر الجمعة تسللت أسراب من طائرة إسرائيلية من مختلف الطرازات، بينها مقاتلات F-35 الشبحية، وF-15 وF-16، إلى المجال الجوي الإيراني من دون رصد أو اعتراض يذكر.
ولم تطلق الدفاعات الجوية الإيرانية صاروخا واحدا، في مشهد يصفه الخبراء بـ”الشلل الكامل”، مما أثار صدمة كبيرة في الأوساط العسكرية والإعلامية في طهران، الذين اكتشفوا بعد فوات الأوان ، أن هناك موساد من الداخل، وعملاء جواسيس في عمق المجتمع الإيراني.
وكل ذلك هي واحدة من أبرز المفاجآت التي كشفتها تقارير صحفية إسرائيلية عقب الضربة، وهي أن عملاء تابعين لجهاز الموساد الإسرائيلي تم زرعهم منذ سنوات داخل إيران، وقد اندمجوا بشكل كامل في المجتمع، متقنين اللغة الفارسية، ومنخرطين في الحياة اليومية للمجتمع المحلي.
وبحسب تلك التقارير، تمكن هؤلاء العملاء من تعطيل شبكات الدفاع الجوي والرادارات ومنظومات الصواريخ قبيل تنفيذ الهجوم، حيث الأخطر من ذلك، أنهم نجحوا في بناء قاعدة سرية لطائرات مسيرة انتحارية داخل العاصمة طهران، مخفية داخل مستودعات ومبان سكنية، جرى استخدامها فجر العملية لضرب منشآت الدفاع الجوي الإيرانية من الداخل.
وكذلك تم اصطياد القيادات برسائل مزيفة وصواريخ دقيقة، حيث في تحرك يظهر مستوى عال من الدقة والتنظيم، استدرجت القيادة الإسرائيلية عددا من كبار المسؤولين العسكريين والعلماء الإيرانيين إلى مقر سري عبر رسائل مزيفة يعتقد أنها نسبت إلى القيادة الإيرانية المركزية، وفور وصولهم، استهدف المقر بصواريخ دقيقة، أسفرت عن مقتل رئيس أركان الجيش الإيراني، وعدد من كبار قادة الحرس الثوري، وستة من أبرز علماء البرنامج النووي، من بينهم فريدون عباسي، الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية، كما تم استهداف منشآت تخصيب يورانيوم، ومخازن صواريخ، ومقرات عسكرية سرية كانت إيران تنفي وجودها رسميا، في ما يعد فضيحة استخباراتية على مستوى الدولة.
وهناك الجانب الأخطر، بحيث أن هناك طائرات بطيئة التحليق وصلت بلا اعتراض، حيث العملية لم تقتصر على طائرات مقاتلة، بل شملت طائرات تموين من طراز بوينغ 707، وهي طائرات ضخمة وبطيئة نسبيا، وهو ما أثار تساؤلات واسعة حول كيفية عبورها الأجواء الإقليمية دون أن تكتشف، لإن المحللون رجحوا أن دولا إقليمية قد تكون تعاونت بصمت مع إسرائيل أو غضت الطرف عن مرور هذه الطائرات عبر مجالها الجوي، خاصة المجال السوري، ما يعكس تحولا عميقا في معادلات الاصطفاف الإقليمي، فلماذا لم ترد إيران فورا؟
حتى الآن لم يصدر عن القيادة الإيرانية رد عسكري مباشر على العملية، وهو ما يراه المراقبون دليلا على ارتباك داخلي عميق، وهناك مصادر مطلعة تحدثت عن انقسامات عرقية، وأزمات سياسية، وفقدان للشرعية الشعبية، لا سيما بعد الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد في 2022.
وتشير تقارير استخباراتية إلى أن الأجهزة الأمنية الإيرانية باتت تركز على ضبط الداخل أكثر من مواجهة الخارج، وهو ما استغلته إسرائيل بدقة، ضمن استراتيجية واضحة تهدف إلى ما هو أبعد من تعطيل البرنامج النووي، ألا وهو تفكيك النظام الإيراني من الداخل.
و انهيار هيبة الدولة يعني أن ما حدث فجر الجمعة لم يكن مجرد ضربة عسكرية، بل حدث استراتيجي أعاد رسم ملامح القوة في المنطقة، لأن عملية “الأسد الصاعد” كشفت هشاشة البنية الأمنية الإيرانية، وعجزها عن اكتشاف أو صد اختراق ممنهج جرى تحت أنف مؤسساتها السيادية.
وهذا المشهد يفتح الباب أمام تحولات إقليمية كبرى، خاصة في ما يتعلق بمستقبل النظام الإيراني وقدرته على الصمود، وسط تساؤلات جدية حول مدى قدرة طهران على ترميم صورتها، واستعادة ثقة الداخل قبل الرد على الخارج.
إرسال التعليق